للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في بَطْنِه شَيْئًا فأَشْكَلَ عَلَيْه، أخَرَجَ مِنْهُ [شَىْءٌ] (٤) أمْ لَا (٥)، فلَا يَخْرُجْ (٦) مِنَ المَسْجِدِ حتى يَسْمَعَ صَوْتًا أو يَجِدَ رِيحًا" (٧). ولأنَّه إذا شَكَّ تعارَضَ عندَه الأمْران، فيَجِبُ سُقُوطُهُما، كالبَيِّنَتَيْن إذا تعَارَضَتَا، ويَرْجعُ إلَى اليَقِين (٨)، ولا فَرْقَ بَيْنَ أنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّه أحَدُهما، أو يَتَساوَى الأَمْرانِ عِنْدَه؛ لأَنَّ غَلَبةَ الظَّنِّ إذا لم تَكنْ مَضْبُوطةً بضابطٍ شَرْعِىٍّ، لا يُلْتَفَتُ إليْها، كما لا يَلْتَفِتُ الحاكِمُ إلى قَوْلِ أحدِ المُتَدَاعِيَيْنِ إذا غَلَبَ على ظَنِّه صِدْقُه بِغَيْرِ دَلِيلٍ.

فصل: إذا تَيَقَّنَ الطهارةَ والحَدَثَ معًا، ولم يَعْلَمِ الآخِرَ منهما، مثل مَنْ تَيَقَّنَ أنَّه كان في وَقْتِ الظُهْرِ مُتَطَهِّرًا مَرَّةً ومُحْدِثًا أخْرَى، ولا يَعْلَمُ أيُّهما كان بعدَ صَاحِبهِ، فإنَّهُ يَرْجِعُ إلى حالِهِ قبلَ الزَّوَالِ؛ فإنْ كانَ مُحْدِثًا فهو الآن مُتَطَهِّرٌ؛ لأنَّه مُتَيَقِّنٌ أنَّه قد انْتَقَلَ عن هذا الحَدَثِ إلى الطَّهارةِ، ولم يَتَيَقَّنْ زَوَالهَا، والحَدَثُ المُتَيَقَّنُ بعدَ الزَّوَالِ يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ قبلَ الطَّهَارَةِ، ويَحْتَمِلُ أن يكونَ بعدَها، فوُجُودُه بعدَها مَشْكُوكٌ فيه، فلا يَزولُ عن طَهَارَةٍ مُتَيَقَّنةٍ بِشَكٍّ، كما لو شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِرَجُلٍ أنَّه وَفَى زَيْدًا حَقَّه وهو مائةٌ، فأقامَ المَشْهُودُ عليه بَيِّنةً بإقْرارِ خَصْمِه له بمائةٍ، لم يَثْبُتْ له حَقٌّ؛ لاحْتِمالِ أنْ يَكُونَ إقْرارُه قبلَ الاسْتِيفاءِ منه. وإنْ كانَ قَبْلَ الزَّوَالِ مُتَطَهِّرًا فهو الآن مُحْدِثٌ؛ لما ذَكَرْنَا في الطَّرَفِ الآخَرِ.

فصل: وإن تَيَقَّنَ أنَّه في وَقْت الظُهْرِ نَقَضَ طَهارَته وتَوَضَّأ عن حَدَثٍ، وشَكَّ في السابِقِ منهما، نَظَرَ؛ فَإنْ كانَ قَبْلَ الزَّوَالِ مُتَطَهِّرًا، فهو علَى طَهارَةٍ؛ لأنَّه تَيَقَّنَ أنه نَقَضَ تِلْكَ الطهارةَ، ثم تَوَضَّأَ، إذْ لا يُمْكِنُ أن يَتَوَضَّأ عن حَدَثٍ مع بَقَاءِ تلك الطهارةِ، ونَقْضُ هذه الطَّهَارَةِ الثانِيةِ مَشْكُوكٌ فيه، فلا يَزُولُ عن اليَقِينِ بالشَّكِّ،


(٤) تكملة من صحيح مسلم.
(٥) في م: "لم يخرج". والمثبت في: الأصل، وصحيح مسلم.
(٦) في صحيح مسلم: "يخرجن".
(٧) أخرجه مسلم في الباب الذي سبقت الإِشارة إليه في الحاشية السابقة. والإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ٣٠٣، ٤١٠، ٤١٤، ٤٣٥، ٤٧١.
(٨) في م: "التيقن".

<<  <  ج: ص:  >  >>