للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِضافةِ تَمْلِيكُه إيَّاه، فإذا لم تَثْبُتْ حقيقةُ المِلْكِيَّة، بَقِيَتِ الإضافةُ شُبْهةً في دَرْءِ (٥) القِصاصِ؛ لأنَّه يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، ولأنَّه سَبَبُ إيجادِه، فلا يَنْبَغِى أن يتَسَلّطَ بسَبَبه على إعْدامِه. وما ذكرْناه يَخُصُّ العُمُوماتِ، ويُفارِقُ الأبُ سائرَ الناسِ، فإنَّهم لو قَتَلُوا بالحَذْفِ بالسَّيْفِ، وَجَبَ عليهم القِصاصُ، والأبُ بخلافِه.

فصل: والجَدُّ وإن عَلَا كالأبِ في هذا، وسواءٌ كان من قِبَلِ الأبِ أو من قِبَلِ الأُمِّ، في قولِ أكثرِ مُسْقِطِي القِصاصِ عن الأبِ. وقال الحسنُ بنُ حَيّ: يُقْتَلُ به. ولَنا، أنَّه والدٌ، فيَدْخُلُ في عُمومِ النَّصِّ؛ ولأنَّ ذلك حُكْمٌ يتَعَلَّقُ بالوِلادةِ، فاسْتَوى فيه القريبُ والبعيدُ، كالمَحْرَمِيَّةِ، والعِتْقِ إذا مَلَكَه، والجَدُّ من قِبَلِ [الأُمِّ كالجَدِّ من قبل الأبِ] (٦)؛ لأنَّ ابْنَ البِنْتِ يُسَمَّى ابْنًا، قال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-[في الحَسَنِ] (٧): "إنَّ ابْنِي هذَا سَيِّدٌ" (٨).

١٤٢٦ - مسألة؛ قال: (والأُمُّ فِي ذلِكَ كَالْأَبِ)

هذا الصحيحُ من المذهبِ، وعليه العَمَلُ عند مُسْقِطِي الْقِصاصِ عن الأبِ. ورُوِيَ عن أحمدَ، رحمه اللهُ، ما يدلُّ على أنَّه لا يَسْقُطُ عن الأُمِّ، فإنَّ مُهَنَّا نقَل عنه، في أُمِّ ولدٍ قَتَلَتْ سَيِّدَها عَمْدًا: تُقْتَلُ. قال: مَنْ يَقْتُلُها؟ قال: وَلَدُها. وهذا يدلُّ على إيجابِ الْقِصاصِ على الأُمِّ بقَتْلِ وَلَدِها. وخَرّجَها أبو بكرٍ على رِوَايتَيْن؛ إحداهما، أنَّ الأُمَّ تُقْتَلُ بوَلدِها؛ لأنَّه لا وِلايةَ لها عليه، فتُقْتَلُ به، كالأخِ. والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ لقَوْلِ النّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يُقْتَلُ والدٌ بوَلَدِه" (١). ولأنَّها أحدُ الوالِدَيْنِ، فأشْبَهتِ الأبَ، ولأنَّها أَوْلَى بالبِرِّ، فكانتْ أوْلَى بنَفْيِ القِصاصِ عنها، والوِلايةُ غيرُ مُعْتَبرةٍ؛ بدليلِ انْتِفاءِ


(٥) في ب: "رد".
(٦) في م: "الأب كالجد من قبل الأم".
(٧) سقط من: ب.
(٨) تقدم تخريجه، في: ٤/ ٩٨.
(١) تقدم تخريجه، في صفحة ٤٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>