للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المكانِ، أو طَلَبَ أكثرَ من أُجْرَةِ (٦٠) المِثْلِ، فعلى الوَرَثةِ إسْكانُها إن كان للمَيِّتِ تَركِةٌ يُسْتَأْجَرُ لها به مَسْكَنٌ؛ لأنَّه حَقٌّ لها يُقَدَّمُ على المِيراثِ، فإن اخْتارت النُّقْلةَ عن هذا المسْكنِ الذي يَنْقُلُونَها إليه، فلها ذلك؛ لأنَّ سُكْناها به حَقٌّ لها، وليس بواجبٍ عليها، فإنَّ المسكنَ الذي كان يَجِبُ عليها السُّكْنَى به، هو الذي كانت تَسْكُنُه حين مَوْتِ زَوْجِها، وقد سَقَطَتْ عنها السُّكْنَى به، وسَواءٌ كان المسكنُ الذي كانتْ به لأَبَوَيْها، أو لأحَدِهما، أو لغيرِهم. وإن كانت تَسْكُنُ في [دارٍ لها] (٦١)، فاخْتارتِ الإِقامةَ فيها، والسكنَى بها، مُتَبَرِّعةً أو بأُجْرةٍ تَأْخُذُها من التَّرِكةِ، جاز، ويَلْزَمُ الوَرَثةَ بَذْلُ الأُجْرةِ إذا طَلَبَتْها، وإن طَلَبَتْ أن تُسْكِنَها غيرَها، وتَنْتَقِلَ عنها، فلها ذلك؛ لأنَّه ليس عليها أن تُؤْجِرَ دارَها ولا تُعِيرَها، عليهم إسْكانُها.

فصل: فأمَّا إذا قُلْنا: ليس لها السُّكْنَى. فتَطَوَّعَ الوَرَثةُ بإسْكانِها في مَسْكنِ زَوْجِها، أو السُّلْطانُ، أو أجْنَبِيٌّ، لَزِمَها الاعْتِدادُ به، وإن مُنِعَتِ السُّكْنَى به، أو طَلَبُوا منها الأُجْرةَ، فلها أن تَنْتقِلَ عنه (٦٢) إلى غيرِه، كما ذكرْنا فيما إذا أخْرَجَها المُؤْجِرُ عندَ انْقِضاءِ الإِجَارةِ، وسَواءٌ قَدَرَتْ على الأُجْرةِ، أو عَجَزَتْ عنها؛ لأنَّه إنَّما تَلْزَمُها السُّكْنَى لا تَحْصِيلُ المَسْكَنِ. وإن كانت في مَسْكَنٍ لِزَوْجِها، فأَخْرَجَها الوَرَثةُ منه، وبَذَلُوا لها مَسْكَنًا آخَرَ، لم تَلْزمْها السُّكْنَى به (٦٣). وكذلك إن أُخْرِجَتْ من المسْكنِ الذي هي به، أو خَرَجَتْ لأيِّ عارِضٍ كان، لم تَلْزَمْها السُّكْنَى في موضعٍ مُعَيَّنٍ سِوَاهُ، سَواءٌ بَذَلَه الورثةُ أو غيرُهم؛ لأنَّها إنَّما يَلْزَمُها الاعْتِدادُ في بَيْتِها الذي كانت فيه، لا في غيرِه. وكذلك إذا قُلْنا: لها السُّكْنَى. فتعَذَّرَ سُكْناها في مَسْكَنِها، وبُذِلَ لها سِواهُ. وإن طَلَبَتْ مَسْكَنًا سِوَاهُ، لَزِمَ الوَرثةَ تَحْصِيلُه، بأُجْرَةٍ أو بغيرِها، إن خَلَّفَ المَيِّتُ تَركِةً تَفِى


(٦٠) في الأصل، ب: "أجر".
(٦١) في ب، م: "دارها".
(٦٢) في الأصل: "منه".
(٦٣) سقط من: أ، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>