لِلنِّصَابِ لها قِيمَةٌ مَقْصُودَةٌ، فوَجَبَ اعْتِبارُهَا كالجَوْدَةِ في سائِرِ أمْوالِ الزكاةِ. ودَلِيلُهُم نَقُولُ به، وأنَّ الزكاةَ تَتَعَلَّقُ بِوَزْنِه وصِفَتِه جَمِيعًا، كالجَيِّدِ من الذَّهَبِ والفِضَّةِ، والمَواشِى، والحُبُوبِ، والثِّمَارِ، فإنَّه لا يُجْزِئُه إخْراجُ رَدِىءٍ عن جَيِّدٍ، كذلك هاهُنا. وإن أرادَ إخْرَاجَ الفِضَّةِ عن حَلْىِ الذَّهَبِ، أو الذَّهَبِ عن الفِضَّةِ، أخْرَجَ على الوَجْهَيْنِ، كما قَدَّمْنا في إخْراجِ أحَدِ النَّقْدَيْنِ عن الآخَرِ. وذَكرَ ابنُ عَقِيلٍ أنَّ الاعْتِبارَ في قَدْرِ النِّصابِ أيضا بالقِيمَةِ، فلو مَلَك حَلْيًا وَزْنُه تِسْعَةَ عَشَرَ، وقِيمَتُه عِشْرُونَ لأجْلِ الصِّناعَةِ، ففيه الزكاةُ، وظاهِرُ كلامِ أحمدَ اعْتِبارُ الوَزْنِ، وهو ظاهِرُ نَصِّه، لِقَوْلِه:"لَيْسَ فيما دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ". ولأنَّه مالٌ تَجِبُ الزكاةُ في عَيْنِه، فلا تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الدَّنانِيرِ المَضْرُوبَةِ، لأنَّ زِيادَةَ القِيمَةِ بالصِّنَاعَةِ، كزِيادَتِها بِنَفاسَةِ جَوْهَرِه، فكما لا تَجِبُ الزِّيَادَةُ فيما كان نَفِيسَ الجَوْهَرِ، كذلك الآخَرُ.
فصل: فإنْ كان في الحَلْىِ جَوْهَرٌ ولآلِئُ مُرَصَّعَةٌ، فالزكاةُ في الحَلْىِ من الذَّهَبِ والفِضَّةِ دُونَ الجَوْهَرِ، لأنَّها لا زَكاةَ فيها عند أحَدٍ من أهْلِ العِلْمِ. فإن كان الحَلْىُ لِلتِّجارَةِ، قَوَّمَهُ بما فيه من الجَواهِرِ؛ لأنَّ الجَواهِرَ لو كانت مُفْرَدَةً وهى لِلتِّجَارَةِ، لَقُوِّمَتْ وَزُكِّيَتْ، فكذلك إذا كانت في حَلْىِ التِّجارَةِ.
فصل: وإذا اتَّخَذَتِ المَرْأَةُ حَلْيًا ليس لها اتِّخاذُه، كما إذا اتَّخَذَتْ حِلْيَةَ الرِّجالِ كحِلْيَةِ السَّيْفِ والمِنْطَقَةِ، فهو مُحَرَّمٌ، وعليها الزكاةُ، كما لو اتَّخَذَ الرَّجُلُ حَلْىَ المَرْأَةِ.
فصل: ويُباحُ لِلنِّسَاءِ من حَلْىِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ والجَواهِرِ كُلُّ ما جَرَتْ عادَتُهُنَّ بلُبْسِه، مثل السِّوَارِ والخَلْخَالِ والقُرْطِ والخَاتَمِ، وما يَلْبَسْنَهُ على وُجُوهِهِنَّ، وفى أَعْناقِهِنَّ، وأَيْدِيهِنَّ، وأَرْجُلِهِنَّ، وآذَانِهِنَّ وغيرِه، فأمَّا ما (١٩) لم تَجْرِ
(١٩) من هنا إلى آخر الفصل، سبق القول فيه في الفصل السابق.