للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يُسْتعمَلُ بمُفْردِه إِلَّا فيما لا ضَرَرَ فيه، كنَحْوِ قولِه تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (٣٦). وقال: {فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (٣٧). فلم يكُنْ كنايةً، كقوله: أطْعِمينى. وفارقَ: ذُوقى. وتَجرَّعِى؛ فإنَّه يُستعمَلُ فى المَكارهِ، كقولِ اللَّهِ تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} (٣٨). {وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} (٣٩). و {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} (٤٠). وكذلك التَّجرُّعُ، قال اللَّهُ تعالى: {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} (٤١). فلم يَصِحَّ أن يلحَقَ بهما ما ليس مثلَهما.

فصل: فإن قال: أنا منكِ طالقٌ. أو جعلَ أمْرَ امرأتِه بيدِها، فقالتْ: أنتَ طالقٌ. لم تَطْلُقْ زوجتُه. نَصَّ عليه، فى روايةِ الأثْرَمِ. وهو قولُ ابنِ عبَّاسٍ، والثَّورِىِّ، وأبى عُبَيدٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ، وابنِ المُنْذِرِ. ورُوِىَ ذلك عن عثمانَ بنِ عفان، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وقال مالكٌ، والشَّافعىُّ: تَطْلُقُ إذا نَوَى به الطَّلاقَ. ورُوِىَ نحوُ ذلك عن عمرَ، وابنِ مسعودٍ، وعَطاءٍ، والنَّخَعِىِّ، والقاسمِ، وإسْحاقَ؛ لأنَّ الطَّلاقَ إزالةُ النِّكاحِ، وهو مُشْتَرَكٌ بينهما، فإذا صَحَّ فى أحدِهما صحَّ فى الآخَرِ. ولا خِلافَ فى أنَّه لا يَقعُ به الطَّلاقُ مِن غيرِ نِيَّةٍ. ولَنا، أنَّه مَحَلٌّ لا يَقعُ الطَّلاقُ بإِضافتِه إليه مِن غيرِ نِيَّةٍ، فلم يَقَعْ وإن نَوَى، كالأجنبىِّ، ولأنه لو قال: أنا طالقٌ. ولم يَقُلْ: منكِ. لم يَقَعْ، ولو كان مَحَلًّا للطَّلاقِ لوقَعَ (٤٢) بذلك، كالمرأةِ، ولأنَّ الرَّجلَ مالكٌ فى النِّكاحِ، والمرأةَ مَمْلوكةٌ، فلم يَقعْ إزالةُ المِلْكِ بإضافةِ الإزالةِ إلى المالكِ، كالعِتْقِ، ويَدلُّ على (٤٣) هذا أن الرَّجل لا يُوصَفُ بأنَّه مُطلَّقٌ، بخلافِ المرأةِ. وجاء رجلٌ إلى ابنِ عبّاس فقال: ملَّكتُ امرْأتِى أمْرَها، فطَلَّقَتْنى


(٣٦) سورة الطور ١٩.
(٣٧) سورة النساء ٤.
(٣٨) سورة الدخان ٤٩.
(٣٩) سورة الأنفال ٥٠.
(٤٠) سورة القمر ٤٨.
(٤١) سورة إبراهيم ١٧.
(٤٢) فى الأصل: "وقع".
(٤٣) سقط من: الأصل، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>