للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتَّأْجِيلِ، فلا يعتبرُ بها غيرُها، [ولأنَّها عُدِلَ بها عن سائرِ الأَبْدالِ فى مَن وَجَبَتْ عليه، فكذلك فى تأجِيلِها تَخْفِيفًا عنه، بخلافِ غيرِها] (١٩)، فإن كانت عادةُ نِسائِها تأجِيلَ المَهْرِ، ففيه وَجْهان؛ أحدهما، يُفْرَضُ حالًّا؛ لذلك. والثانى، يُفْرَضُ مُؤَجَّلًا؛ لأنَّ مهرَ مِثْلِها مُؤَجَّلٌ. وإن كان عادَتُهم أنَّهم إذا زَوَّجُوا من عَشِيرَتِهم خَفَّفُوا، وإن زَوَّجُوا غيرَهم ثَقَّلُوا، اعْتُبِرَ ذلك. وهذا مذهبُ الشافعىِّ؛ فإن قيل: فإذا كان مَهْرُ المِثْلِ بَدَلَ مُتْلَفٍ، يجبُ أن لا يختلفَ باخْتلافِ المُتْلَفِ (٢٠)، كسائرِ المُتْلَفاتِ. قُلْنا: النِّكاحُ يُخالِفُ سائرَ المُتْلَفاتِ، فإنَّ سائَر المُتْلَفاتِ المَقْصُودُ بها المالِيَّةُ خاصَّةً، فلم تَخْتلِفْ باخْتلافِ [المُتْلِفينَ، والنكاحُ يُقْصَدُ به أعْيانُ الزَّوْجَيْنِ، فاخْتَلَفَ باخْتِلافِهِم، ولأنَّ سائرَ المُتْلفاتِ لا تختلفُ باختِلافِ] (١٩) العوائِدِ، والمهرُ يختلفُ بالعاداتِ، فإنَّ المرأةَ إذا كانت من قومٍ عادَتُهم تَخْفِيفُ مُهُورِ (٢١) نسائِهِم، وجَبَ مهرُ المرأةِ منهم خَفِيفًا، وإن كانت أفْضَلَ وأشْرَفَ من نساءِ مَنْ عادَتُهم تَثْقِيلُ المهرِ، وعلى هذا متى كانت عادَتُهم التَّخْفيفَ لمَعْنًى، مثل الشَّرَفِ أو اليَسَارِ ونحوِ ذلك، اعْتبِرَ جَرْيًا على عادَتِهِم. واللَّهُ أعلمُ.

فصل: إذا زَوَّجَ السَّيِّدُ عبدَه أمَتَه، فقال القاضى: لا يجبُ مهرٌ؛ لأنَّه لو وجَبَ لَوجبَ لسَيِّدها، ولا يجبُ للسَّيِّد على عبدِه مالٌ. وقال أبو الخَطَّابِ: يجب المُسَمَّى، أو مهرُ المثلِ إن لم يكن مُسَمًّى، كيلا يَخْلُوَ النِّكاحُ عن مهرٍ، ثم يَسْقُطُ لتَعَذُّرِ إثباتِه. وقال أبو عبد اللَّه: إذا زَوَّجَ عبدَه من أَمَتِه، فأحِبُّ أن يكونَ بمَهْرٍ وشُهودٍ. قيل: فإن طَلَّقَها؟ قال: يكونُ الصداقُ عليه إذا أُعْتِقَ. قيل: فإن زَوَّجَها منه بغيرِ مهرٍ؟ قال: قد اختلَفُوا فيه، فذَهَبَ جابرٌ إلى أنَّه جائِزٌ.


(١٩) سقط من: ب. نقل نظر.
(٢٠) فى م: "التلف".
(٢١) فى الأصل: "مهر".

<<  <  ج: ص:  >  >>