للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٣٧ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا قَالَتْ لَهُ: اخْلَعْنِى عَلَى مَا فِى يَدِى مِنَ الدَّرَاهِم. فَفَعَلَ، فَلَمْ يَكُنْ فِى يَدِهَا شَىءٌ، لَزِمَهَا (١) ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ)

وجملةُ ذلك أَنَّ الخُلْعَ بالمجهولِ جائزٌ، وله ما جُعِلَ له. وهذا قولُ أصحابِ الرَّأْىِ. وقال أبو بكرٍ: لا يصحُّ الخُلْعُ، ولا شىءَ له؛ لأنَّه مُعاوَضَةٌ، فلا يصِحُّ بالمجهولِ، كالبيعِ. وهذا قولُ أبى ثَوْرٍ. وقال الشَّافعىُّ: يصِحُّ الخُلْعُ، وله مهرُ مثلِها؛ لأنَّه مُعاوَضَةٌ بالبُضْعِ، فإذا كان العِوَضُ مجهولًا، وجبَ مهرُ المِثْلِ، كالنِّكاحِ. وَلنا، أَنَّ الطَّلاقَ معنًى يجوزُ تعليقُه بالشَّرطِ، فجاز أن يُسْتَحقَّ به العِوَضُ المجهولُ كالوصيَّةِ، ولأنَّ الخُلْعَ إسْقاطٌ لحقِّه مِنَ البُضْعِ، وليس فيه تمْليكُ شىءٍ، والإِسْقاطُ تدْخلُه المُسَامَحَةُ، ولذلك جازَ مِن غيرِ عِوَضٍ، بخلافِ النِّكاحِ. وإذا صحَّ الخُلْعُ، فلا يجبُ مَهْرُ المِثْلِ؛ لأنَّها لم تبذُلْه، ولا فوَّتَتْ عليه ما يُوجِبُه، فإنَّ خروجَ البُضْعِ مِن مِلْكِ الزَّوجِ غيرُ مُتَقَوَّمٍ، بدليلِ ما لو أخرجَتْه من مِلْكِه برِدَّتِها، أو رَضاعِها لِمَنْ ينْفَسِخُ به نِكاحُها، لم يجِبْ عليها شىءٌ، ولو قتلتْ نفسَها أو قتلَها أجنبىٌّ، لم يجِبْ للزَّوجِ عِوَضٌ عن بعضِها، ولو وُطِئَتْ بشُبْهةٍ أو مُكرَهةً، لوَجبَ المهرُ لها دونَ الزَّوجِ، ولو طاوَعتْ لم يكُنْ للزَّوجِ شىءٌ، وإنَّما يُتقوَّمُ البُضْعُ على الزَّوْجِ فى النِّكاحِ خاصَّةً، وأباحَ لها افْتداءَ نفسِها لحاجتِها إلى ذلك، فيكونُ الواجبُ ما رَضِيَتْ ببذْلِه، فأمَّا إيجابُ شىءٍ لم تَرْضَ به، فلا وَجْهَ له. فعَلَى هذا، إنْ خالَعَها (٢) على ما فى يَدِها من الدَّراهمِ، صحَّ، فإن كان فى يَدِها دراهمُ فهى له، وإن لم يكُنُ فى يدِها شىءٌ فلَه عليها ثلاثةٌ. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّه أقَلُّ ما يقَعُ عليه اسمُ الدَّراهِم حقيقةً، ولفظُها دلَّ (٣) على ذلك، فاسْتحقَّه، كما لو وَصَّى له بدراهمَ. وإن كان فى يدِها أقلُّ من ثلاثةٍ، احْتَمَلَ أن لا يكُونَ له غيرُه؛ لأنَّه من


(١) فى ب، م: "لزمتها".
(٢) فى ب، م: "خلعها".
(٣) فى أ: "يدل".

<<  <  ج: ص:  >  >>