للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيْضًا، مع أنَّها من ذَواتِ القُرُوءِ، فكانت عِدّتُها سنةً، كالتى ارْتَفَعَ حَيْضُها. وعلى الرّوايةِ الأُولَى، يَنْبَغِى أن يُقالَ: إنَّنا متى حَكَمْنا بأنَّ حَيْضَها سَبْعةُ أيامٍ من كلِّ شَهْرٍ، فمَضَى لها شَهْرانِ بالهِلالِ وسَبْعةُ أيَّامٍ من أَوَّلِ الثالثِ، فقد انْقَضتْ عِدّتُها. وإن قُلْنا: القُرُوءُ الأطهارُ. فطَلَّقَها فى آخرِ شَهْرٍ، ثم مَرَّ لها شَهْران وهَلَّ الثالثُ، انْقَضتْ عِدَّتُها. وهذا مذهبُ الشافعىِّ.

١٣٤٩ - مسألة؛ قال: (وَلَوْ طَلَّقَهَا وَهِىَ مِنَ اللَّائِى لَمْ يَحِضْنَ، فَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا بالشُّهُورِ حَتَّى حَاضَتْ، اسْتَقْبَلَتِ العِدَّةَ بثَلَاثِ حِيَضٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً، وبِحَيْضَتَيْنِ إنْ كَانَتْ أَمَةً)

وجملَتُه أنَّ الصَّغيرةَ التى لم تَحِضْ، أو البالِغَ (١) التى لم تَحِضْ، إذا اعْتَدَّتْ بالشُّهُورِ، فحاضَتْ قبلَ انْقِضاءِ عِدَّتِها ولو بسَاعةٍ، لَزِمَها اسْتِئْنافُ العِدَّةِ. فى قولِ عامَّةِ عُلَماءِ الأمْصارِ، منهم سعيدُ بن المُسَيَّبِ، والحسنُ، ومُجاهِدٌ، وقَتادةُ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، والزُّهْرِىُّ، والثَّوْرِىُّ، ومالكٌ، والشافعىُّ، وإسْحاقُ، وأبو عُبَيْدٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، وأهلُ المدينةِ، وأهلُ البَصْرةِ؛ وذلك لأنَّ الشُّهورَ بَدَلٌ عن الحِيَضِ، فإذا وُجِدَ المُبْدَلُ بَطَلَ حكمُ البَدَلِ، كالتَّيَمُّمِ مع الماءِ. ويَلْزَمُها أن تَعْتَدَّ بثلاثِ حِيَضٍ إن قُلْنا: القُرُوءُ الحِيَضُ. وإن قُلْنا: القُروءُ الأطهارُ. فهل تَعْتَدُّ بما مَضَى من الطُّهْرِ قبلَ الحَيْضِ قُرْءًا؟ فيه وَجْهان؛ أحدهما، تَعْتَدُّ به؛ لأنَّه طُهْرٌ انتقَلتْ منه إلى حَيْضٍ، فأشْبَهَ الطُّهْرَ بينَ الحَيْضَتيْن. والثاني، لا تَعْتَدُّ به. وهو ظاهرُ كلامِ الشافعىِّ؛ لأنَّ القُرْءَ هو الطُّهْرُ بين حَيْضَتيْنِ، وهذا لم يتَقَدّمْهُ حَيْضٌ، فلم يكُنْ قُرْءًا. فأمَّا إن انْقَضَتْ عِدَّتُها بالشُّهورِ، ثم حاضَتْ بعدَها ولو بلَحْظةٍ، لم يَلْزَمْها اسْتِئْنافُ العِدَّةِ؛ لأنَّه مَعْنًى حَدَثَ بعدَ انْقِضاءِ العِدَّةِ، كالتى حاضَتْ بعدَ انْقِضاءِ العِدَّة بزَمنٍ طويلٍ، ولا يُمْكِنُ مَنْعُ هذا الأصلِ؛ لأنَّه لو صَحَّ مَنْعُه، لم يَحْصُلْ لمَنْ لم تَحِضْ الاعْتِدادُ بالشُّهورِ بحالٍ.

فصل: ولو حاضَتْ حَيْضَةً أو حَيْضتَيْنِ، ثم صارتْ من الآيِسَاتِ، اسْتأْنفَتِ


(١) في أ: "البالغة".

<<  <  ج: ص:  >  >>