للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووَجَبَ اسْتِئْنافُ الاعْتِكافِ، لإِخْلالِه بالإتْيانِ بما نَذَرَهُ على صِفَتِه.

٥٣٢ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا وَقَعَتْ فِتْنَةٌ خَافَ مِنْهَا تَرَكَ اعْتِكَافَهُ، فَإذَا أَمِنَ بَنَى عَلَى مَا مَضَى، إذَا كَانَ نَذَرَ أيَّامًا مَعْلُومَةً، وقَضَى مَا تَرَكَ، وَكَفَّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ، وكَذَلِكَ فى النَّفِيرِ إذَا احْتِيجَ إلَيْهِ)

وجُمْلَتُه أَنَّه إذا وَقَعَتْ فِتْنَةٌ خافَ منها على نَفْسِه إن قَعَدَ فى المسجدِ، أو على مَالِه نَهْبًا أو حَرِيقًا، فله تَرْكُ الاعْتِكافِ والخُرُوجُ؛ لأنَّ هذا ممَّا أباحَ اللهُ تعالى لِأجْلِه تَرْكَ الوَاجِبِ بِأصْلِ الشَّرْعِ، وهو الجمعةُ والجماعةُ، فأوْلَى أن يُباحَ لأجْلِه تَرْكُ ما أوْجَبَه على نَفْسِه، وكذلك إن تَعَذَّرَ عليه المُقَامُ فى المَسْجِدِ؛ لِمَرَضٍ لا يُمْكِنُه المُقَامُ معه فيه، كالقِيامِ المُتَدَارَكِ، أو سَلَسِ البَوْلِ، أو الإِغْماءِ، أو لا يُمْكِنُه المُقَامُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ، مثل أنْ يَحْتَاجَ إلى خِدْمَةٍ وفِرَاشٍ، فله الخُرُوجُ. وإنْ كان المَرَضُ خَفِيفًا، كالصُّدَاعِ، ووَجَعِ الضِّرْسِ، ونحوِه، فليس له الخُرُوجُ. فإن خَرَجَ بَطَلَ اعْتِكَافُه. وله الخُرُوجُ إلى ما يَتَعَيَّنُ عليه من الوَاجِبِ، مثل الخُرُوجِ فى النَّفِيرِ إذا عَمَّ، أو حَضَرَ عَدُوٌّ يَخَافُونَ كَلَبَهُ (١)، واحْتِيجَ إلى خُرُوجِ المُعْتَكِفِ، لَزِمَهُ الخُرُوجُ، لأنَّه واجِبٌ مُتَعَيِّنٌ، فلَزِمَ الخُرُوجُ إليه، كالخُرُوجِ إلى الجُمُعةِ. وإذا خَرَجَ ثمَّ زَالَ عُذْرُه، نَظَرْنَا؛ فإن كان تَطَوُّعًا فهو مُخَيَّرٌ، إن شاءَ رَجَعَ إلى مُعْتَكَفِه، وإن شاءَ لم يَرْجِعْ، وإن كان وَاجِبًا رَجَعَ إلى مُعْتَكَفِه، فَبَنَى على ما مَضَى من اعْتِكافِه. ثمَّ لا يَخْلُو النَّذْرُ من ثَلَاثَةِ أحْوَالٍ: أحدُها، أن يكونَ نَذَرَ اعْتِكَافًا فى أيَّامٍ غيرِ مُتَتابِعَةٍ ولا مُعَيَّنَةٍ، فهذا لا يَلْزَمُهُ قَضَاءٌ، بل يُتِمُّ ما بقِىَ عليه، لكنَّه يَبْتَدِئُ اليومَ الذى خَرَجَ فيه من أوَّلِه، لِيكونَ مُتَتابِعًا، ولا كَفَّارَةَ عليه؛ لأنَّه أَتَى بما نَذَرَ على وَجْهِهِ، فلا يَلْزَمُه كَفَّارَةٌ كما لو لم يَخْرُجْ. الثانى، نَذَرَ أيَّامًا


(١) كَلَبه: أذَاه وشره.

<<  <  ج: ص:  >  >>