للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٨٧ - مسألة؛ قال: (وَلَا يَجُوزُ أنْ يَجْعَلَ لَهُ فَضْلَ دَرَاهِمَ)

يعني إذا شَرَطَ جُزْءًا مَعْلُومًا من الثَّمرَةِ، ودَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، كعَشرَةٍ ونحوها، لم يَجُزْ بغيرِ خِلَافٍ؛ لأنَّه ربما لم يَحْدُثْ من النَّماءِ ما يُسَاوِى تلك الدَّرَاهِمَ، فيَتَضَرَّرُ رَبُّ المالِ، ولذلك مَنَعْنَا من اشْتِرَاطِ أَقْفِزَةٍ مَعْلُومَةٍ. ولو شَرَطَ له دَرَاهِمَ مُنْفَرِدَةً عن الجُزْءِ، لم يَجُزْ؛ لذلك. ولو جَعَلَ له ثَمَرَةَ سَنَةٍ غيرِ السَّنَةِ التي سَاقاهُ فيها، أو ثَمَرَ شَجَرٍ غيرِ الشَّجَرِ الذي سَاقاهُ عليه، أو شَرَطَ عليه عَمَلًا في غير الشَّجَرِ الذي سَاقاهُ عليه، أو عَمَلًا في غيرِ السَّنةِ، فسَدَ العَقْدُ، سواءٌ جَعَلَ ذلك كلَّ حَقِّه أو بعضَه [أو جَمِيعَ العَمَلِ، أو بعضَه] (١)؛ لأنَّه يُخَالِفُ مَوْضُوعَ المُسَاقاةِ، إذ مَوْضُوعُها أن يَعْمَلَ في شَجَرٍ مُعَيَّنٍ، بجُزْءٍ مُشَاعٍ من ثَمَرتِه، في ذلك الوَقْت الذي يَسْتَحِقُّ عليه فيه العَمَلَ.

فصل: وإذا ساقَى رَجُلًا، أو زَارَعَه، فعامَلَ العامِلُ غيرَه على الأرْضِ أو الشَّجَرِ (٢)، لم يَجُزْ ذلك. وبهذا قال أبو يوسفَ، وأبو ثَوْرٍ. وأجَازَه مالِكٌ، إذا جاءَ بِرَجُلٍ أمِينٍ. ولَنا، أنَّه عامِلٌ في المالِ بِجُزْءٍ من نَمَائِه، فلم يَجُزْ أن يُعَامِلَ غيرَه فيه، كالمُضَارِبِ، ولأنَّه إنَّما أَذِنَ له في العَمَلِ فيه، فلم يَجُزْ أن يَأْذَنَ لغيرِه، كالوَكِيل. فأمَّا إن اسْتَأْجَرَ أرْضًا، فله أن يُزَارِعَ غيرَه فيها؛ لأنَّها صارَتْ مَنَافِعُها مُسْتَحَقَّةً له، فمَلَكَ المُزَارَعةَ فيها، كالمالِكِ، والأُجْرَةُ على المُسْتَأْجِرِ دُونَ المُزَارِعِ، كما ذَكَرْنا في الخَرَاجِ. وكذلك يجوزُ لمن في يَدِه أرْضٌ خَرَاجِيّةٌ أن يُزَارِعَ فيها؛ لأنَّه بمَنْزِلةِ المُسْتَأْجِرِ لها. ولِلْمَوْقُوفِ عليه أن يُزَارِعَ في الوَقْفِ، ويُسَاقِىَ على شَجَرِه؛ لأنَّه إمَّا مالِكٌ لِرَقَبةِ ذلك، أو بمَنْزِلَةِ المالِكِ. ولا نَعْلَمُ في هذا خِلَافًا عندَ مَن أجازَ (٣) المُسَاقاةَ والمُزَارَعةَ. واللهُ أعلمُ.


(١) سقط من: الأصل.
(٢) في ب، م: "والشجر".
(٣) في الأصل: "اختار".

<<  <  ج: ص:  >  >>