للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَوْطًا، فقَالَا لِى: ألْقِهِ. فأبَيْتُ، فلمَّا (٢٢) قَدِمْنَا المَدِينَةَ، أتَيْتُ أُبَىَّ بنَ كَعْبٍ، فذَكَرْتُ ذلك له، فقال: أصَبْتَ. قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وللشافِعِيّةِ فيه (٢٣) ثلاثةُ أوْجُهٍ كالمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ. ولَنا، على إبْطالِ تَحْدِيدِه بما ذَكَرُوه، أنَّ حَدِيثَ زَيْدِ بن خالِدٍ عامٌّ في كلِّ لُقَطَةٍ، فيَجِبُ إبْقاؤُه على عُمُومِه، إلَّا ما خرَج منه بالدَّلِيلِ، ولم يَرِدْ بما ذَكَرُوه نَصٌّ، ولا هو في مَعْنَى ما وَرَدَ النَّصُّ به. ولأنَّ التَّحْدِيدَ والتَّقْدِيرَ لا يُعْرَفُ بالقِيَاسِ، وإنَّما يُؤْخَذُ من نَصٍّ أو إجْماعٍ، وليس فيما ذَكَرُوه نصٌّ ولا إجماعٌ. وأمَّا حَدِيثُ علِىٍّ، فهو ضَعِيفٌ، رَوَاه أبو داوُدَ وقال: طُرُقُهُ كلها مُضْطَرِبةٌ. ثم هو مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِهِم ولِسَائِرِ المَذَاهِبِ، فتَعَيَّنَ حَمْلُه على وَجْهٍ من الوُجُوه غيرِ اللُّقَطَةِ، إمَّا لِكَوْنِه مُضْطَرًّا إليه أو غيرِ ذلك، وحَدِيثُ عائِشَةَ قَضِيَّةٌ في عَيْنٍ، لا يُدْرَى كم قَدْرُ الخاتَمِ، ثم هو قول صَحَابِىٍّ، وكذلك حَدِيثُ عَلِىٍّ (٢٤)، وهم لا يَرَوْنَ ذلك حُجَّةً، وسائِرُ الأحادِيثِ ليس فيها تَقْدِيرٌ، لكن يُبَاحُ أخْذُ ما ذَكَرَه النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وخَصَّ في أخْذِه من السَّوْطِ والعَصَا والحَبْلِ، [وما قِيمتُه كقِيمَةِ ذلك] (٢٥). وقَدَّرَه الشيخُ أبو الفَرَجِ (٢٦) في كِتَابِه بما دون القِيرَاطِ، ولا يَصِحُّ تَحْدِيدُه لما ذَكرْنا.

فصل: إذا أَخَّرَ التَّعْرِيفَ عن الحَوْلِ الأوَّلِ، مع إمْكانِه، أَثِمَ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَرَ به فيه، والأمْرُ يَقْتَضِى الوُجُوبَ. وقال في حَدِيثِ عِيَاضِ بن حِمَارٍ: "لا يَكْتمُ ولَا يُغَيِّبُ" (٢٧). ولأنَّ ذلك وَسِيلَةٌ إلى أن لا يَعْرِفَها صَاحِبُها، فإنَّ الظاهِرَ أنَّه بعدَ


(٢٢) في م: "حتى".
(٢٣) سقط من: م.
(٢٤) سقط من: الأصل.
(٢٥) في م: "وما قيمة ذلك".
(٢٦) يعني ابن الجوزى عبد الرحمن بن على، المتوفى سنة سبع وتسعين وخمسمائة.
(٢٧) يأتى الحديث بتمامه في المسألة التالية، ويذكر المصنف أن النسائي رواه، وذلك في السنن الكبرى. انظر: =

<<  <  ج: ص:  >  >>