للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيثُ أكَلَها، بل قال له: "لَوْ لَمْ تَأْتِهَا لأَتَتْكَ" (١٥). ورَأَى النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَمْرَةً فقال: "لَوْلَا أنِّى أخْشَى أنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ، لَأَكَلتُها" (١٦). ولا نَعْلَمُ خِلَافًا بين أهْلِ العِلْمِ في إبَاحَةِ أخْذِ اليَسِيرِ والانْتِفَاعِ به (١٧)، وقد رُوِى ذلك عن عمرَ، وعلىٍّ، وابن عمرَ، وعائِشَةَ، وبه قال عَطَاءٌ، وجابِرُ بن زَيْدٍ، وطاوُسٌ، والنَّخَعِيُّ، ويحيَى بن أبي كثِيرٍ، ومالِكٌ، والشافِعِيُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وليس عن أحمدَ وأكْثَرَ مَنْ ذَكَرْنا تَحْدِيدُ اليَسِيرِ الذي يُبَاحُ. وقال مالِكٌ، وأبو حنيفةَ: لا يَجِبُ تَعْرِيفُ ما لا يُقْطَعُ به السَّارِقُ، وهو رُبْعُ دِينَارٍ عندَ مالِكٍ، وعَشْرَةُ دَرَاهِمَ عند أبي حنيفةَ؛ لأنَّ ما دون ذلك تافِهٌ، فلا يَجِبُ تَعرِيفُه، كالكِسْرَةِ والتَّمْرَةِ، والدَّلِيلُ على أنَّه تافِهٌ قولُ عائِشَةَ، رَضِىَ اللَّه عنها: كانوا لا يَقْطَعُونَ في الشىءِ التّافِهِ. ورُوِى عن علىٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه وَجَدَ دِينَارًا فتَصَرَّفَ فيه (١٨). ورَوَى الْجُوزَجَانِيُّ، عن سَلْمَى بنت كَعبٍ، قالت: وَجَدْتُ خاتَمًا من ذَهَبٍ، في طَرِيقِ مَكَّةَ، فسَأَلْتُ عائِشَةَ عنه، فقالت: تَمتَّعِى به (١٩). ورَوَى أبو دَاوُدَ (٢٠)، بإسْنادِه عن جابِرٍ، قال: رَخَّصَ لنا رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في العَصَا والسَّوْطِ والحَبْلِ وأشْبَاهِه، يَلْتَقِطه الرجُلُ يَنْتَفِعُ به. والحَبْلُ قد يكون قِيمَتُه دَرَاهِمَ. وعن ابن ماجَه (٢١) بإسْنادِه، عن سُوَيْدِ بن غَفَلَةَ، قال: خَرَجْتُ مع سَلْمَانَ بنِ رَبِيعَةَ، وزَيْدِ بنِ صُوحَانَ، حتى إذا كُنَّا بالعُذَيْبِ، الْتَقَطْتُ


(١٥) لم نجده فيما بين أيدينا من كتب الحديث.
(١٦) تقدم تخريجه في: ٤/ ١١٦.
(١٧) سقط من: م.
(١٨) أخرجه أبو داود، في: كتاب اللقطة. سنن أبي داود ١/ ٣٩٨.
(١٩) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب في اللقطة ما يصنع بها، من كتاب البيوع والأقضية. المصنف ٦/ ٤٦١.
(٢٠) في: كتاب اللقطة. سنن أبي داود ١/ ٣٩٩.
كما أخرجه البيهقي، في: باب ما جاء في قليل اللقطة، من كتاب اللقطة. السنن الكبرى ٦/ ١٩٥.
(٢١) في: باب اللقطة، من كتاب اللقطة. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٣٧.
كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في اللقطة وضالة الإبل والغنم، من أبواب الأحكام. عارضة الأحوذى ٦/ ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>