للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أحَدِهمَا، إذْ لا يُمْكِنُ كونُه إليهما جَمِيعًا، فبَطَلَتْ دَلَالَتُه كالتَّزْوِيقِ، ولأنَّه يُرَادُ لِلزِّينَةِ، فأشْبَهَ التَّزْوِيقَ. وحَدِيثُهُم لا يُثْبِتُه أهْلُ النَّقْلِ، وإسْنَادُه مَجْهُولٌ. قالَه ابنُ المُنْذِرِ. قال الشَّالَنْجِىُّ (١٥): ذَكَرْتُ هذا الحَدِيثَ لأحمدَ، فلم يُقْنِعْهُ، وذَكَرْتُه لإِسحاقَ بن رَاهُويَه، فقال: ليس هذا حَدِيثًا. ولم يُصَحِّحْهُ. وحَدِيثُ عَلِىٍّ فيه مَقَالٌ، وما ذَكَرُوه من العُرْفِ ليس بِصَحِيحٍ؛ فإنَّ العادَةَ جَعْلُ وَجْهِ الحائِطِ إلى خَارِجٍ لِيَرَاهُ الناسُ، كما يَلْبَسُ الرَّجُلُ أحْسَنَ أَثْوَابِه، أعْلَاهَا الظَّاهِرُ للنّاسِ، لِيَرَوْه، فيَتَزَيَّنُ به، فلا دَلِيلَ فيه.

فصل: ولا تُرَجَّحُ الدَّعْوَى بالتَّزْوِيقِ والتَّحْسِينِ، ولا يكونُ أحَدُهما له على الآجُرِّ سُتْرَةٌ غيرُ مَبْنِيَّةٍ عليه؛ لأنَّه مما يُتَسَامَحُ به، ويُمْكِنُ إحْدَاثُه.

فصل: وإن تَنَازَعَ صَاحِبُ العُلْوِ والسُّفْلِ، في حَوَائِط البَيْتِ السُّفْلَانِىِّ، فهى لِصَاحِبِ السُّفْلِ؛ لأنَّه المُنْتَفِعُ بها، وهى من جُمْلَةِ البَيْتِ، فكانتْ لِصَاحِبِه. وإن تَنَازَعَا حَوَائِطَ (١٦) العُلْوِ، فهى لِصَاحِبِ العُلْوِ؛ لذلك. وإن تَنَازَعَا السَّقْفَ، تَحَالَفا، وكان بينهما. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنِيفةَ: هو لِصَاحِبِ السُّفْلِ؛ لأنَّ السَّقْفَ على مِلْكِه، فكان القولُ قولَه, كما لو تَنَازَعا سَرْجًا على دَابَّةِ أحَدِهما، كان القولُ قولَ صَاحِبِها. وحُكِىَ عن مَالِكٍ، أنه لِصَاحِبِ السُّفْلِ. وحُكِىَ عنه، أنَّه لِصَاحِبِ العُلْوِ؛ لأنَّه يَجْلِسُ عليه، ويَتَصَرَّفُ فيه، ولا يمكنُه السُّكْنَى إلَّا به. ولَنا، أنَّه حَاجِزٌ بين مِلْكَيْهما، يَنْتَفِعَانِ به، غيرَ مُتَّصِلٍ بِبِنَاءِ أحَدِهما اتِّصَالَ البُنْيَانِ، فكان بينهما، كالحَائِطِ بين المِلْكَيْنِ. وقولُهم: هو على مِلْكِ صَاحِبِ السُّفْلِ. يَبْطُلُ بِحِيطَانِ العُلْوِ، ولا يُشْبِهُ السَّرْجَ على الدَّابَّةِ؛ لأنَّه لا يَنْتَفِعُ به غيرُ صَاحِبِها، ولا يُرَادُ إلَّا لها، فكان في يَدِه. وهذا السَّقْفُ يَنْتَفِعُ به كلُّ واحِدٍ منهما؛ لأنَّه سَمَاءُ صَاحِبِ السُّفْلِ


(١٥) هو إسماعيل بن سعيد، وتقدمت ترجمته في: ١/ ٣٧.
(١٦) في الأصل: "في حوائط".

<<  <  ج: ص:  >  >>