للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغاصِبُ بالتَّلَفِ في يَدِه، كأَجْرِ العَيْنِ. والأَوْلَى، إن شاءَ اللهُ تعالى، أنْ يَضْمَنَهُ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ؛ لأنَّه الذي يَضْمَنُه به بالجِنَايةِ، فيَضْمَنُه به في التَّلَفِ، كالأَجْزاءِ. وإن وَضَعَتْه حَيًّا، حَصَلَ مَضْمُونًا في يَدِ الغاصِبِ، كالأُمِّ. فإن ماتَ بعد ذلك، ضَمِنَهُ بقِيمَتِه. وإن نَقَصَتِ الأُمُّ بالوِلادَةِ، ضَمِنَ نَقْصَها، ولم يَنْجَبِرْ بالوَلَدِ. وبهذا قال الشّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَنْجَبِرُ نَقْصُها بوَلَدِهَا. ولَنا، أنَّ وَلَدَها مِلْكُ المَغْصُوبِ منه، فلا يَنْجَبِرُ به نَقْصٌ حَصَلَ (٤) بجِنَايَةِ الغاصِبِ، كالنَّقْصِ الحاصِلِ بغيرِ الوِلَادَةِ. وإن ضَرَبَ الغاصِبُ بَطْنَها فأَلْقَت الجَنِينَ مَيِّتًا، فعليه عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ. وإن ضَرَبَ بَطْنَها أَجْنَبِىٌّ، ففيه مثلُ ذلك، وللمالِكِ تَضْمِينُ أيِّهما شَاءَ، فإنْ ضَمَّنَ الغاصِبَ، رَجَعَ على الضَّارِبِ، وإن ضَمَّنَ الضارِبَ، لم يَرْجِعْ على أحَدٍ؛ لأنَّ الإِتْلَافَ وُجِدَ منه، فاسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عليه. وإن ماتَتِ الجارِيَة، فعليه قِيمَتُها أكْثَر ما كانتْ. ويَدْخُلُ في ذلك أَرْشُ بَكَارَتِها، ونَقْصُ وِلادَتِها، ولا يَدْخُلُ فيه (٥) ضَمَانُ وَلَدِها، ولا مَهْرُ مِثْلِها، وسواءٌ في هذه الأَحْكَامِ كلِّها حَالةُ الإِكْرَاهِ أو المُطَاوَعَةِ؛ لأنَّها حُقُوقٌ لِسَيِّدِهَا، فلا تَسْقُطُ بِمُطَاوَعَتِها. وأما حُقُوقُ اللهِ تعالى، كالحَدِّ عليها، والإِثْمِ (٦)، والتَّعْزِيرِ في مَوْضِعٍ يَجِبُ، فإن كانت مُطَاوِعَةً على الوَطْءِ، عَالِمةً بالتَّحْرِيمِ، فعليها الحَدُّ إذا كانتْ من أهْلِه، والإِثْمُ، وإلَّا فلا.

فصل: وإن كان الغاصِبُ جاهِلًا بِتَحْرِيمِ (٧) ذلك؛ لِقُرْبِ عَهْدِه بالإِسلامِ، أو ناشِئًا بِبَادِيةٍ بَعِيدَةٍ يَخْفَى عليه مثلُ هذا، فاعْتَقَدَ حِلَّ وَطْئِها، أو اعْتَقَدَ أنَّها جارِيَتُه فأخَذَها، ثم تَبَيَّنَ أنَّها غيرُها، فلا حَدَّ عليه؛ لأنَّ الحَدَّ يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، وعليه المَهْرُ، وأرْشُ البَكَارَةِ. وإن حَمَلَتْ فالوَلَدُ حُرٌّ، لِاعْتِقَادِه أنَّها مِلْكُه، ويَلْحَقُه النَّسَبُ


(٤) في الأصل: "حمل".
(٥) سقط من: الأصل.
(٦) سقط من: م.
(٧) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>