للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا المنصوصُ عن أحمدَ فى هذه المسألةِ. وبه قال ابنُ مسعودٍ، وعَطاءٌ، ومَسْرُوقٌ، والزُّهْرِىُّ، ومَكْحُولٌ، ومالكٌ، وإسحاقُ. ورُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، والنَّخَعِىِّ: إن قَبِلُوها فواحدةٌ بائنةٌ، وإن لم يَقْبَلُوها فواحدةٌ رَجعِيَّةٌ. وعن زيدِ بنِ ثابتٍ، والحَسَنِ: إن قَبِلُوها فثلاثٌ، وإن لم يَقْبَلُوها فواحدةٌ رجعِيَّةٌ. ورُوِىَ عن أحمدَ مثلُ ذلك. وقال رَبِيعةُ، ويحيى بنُ سعيدٍ، وأبو الزِّنَادِ، ومالكٌ: هى ثلاثٌ على كلِّ حالٍ، قَبِلُوها أو رَدُّوها. وقال أبو حنيفةَ فيها كقوله فى الكنايةِ الظَّاهرةِ، قَبِلُوها أو رَدُّوها. وكذلك قال الشَّافعىُّ. واخْتلَفا ههُنا بِناءً على اخْتلافِهما. ولَنا، على أنَّها لا تَطْلُقُ إذا لم يَقْبَلُوها، أنَّه تَمْليكٌ للبُضْعِ، فافتقَرَ (١) إلى القَبُولِ، كقولِه: اخْتارِى، وأمرُك بيدِك. وكالنِّكاحِ. وعلى أنَّها لا تَكونُ ثلاثًا أنَّه لفظٌ مُحْتمِلٌ، فلا يُحْمَلُ على الثَّلاثِ عندَ الإِطْلاقِ، كقوله: اخْتارِى. وعلى أنَّها رَجْعِيَّة، أنَّها طَلْقةٌ لمِنْ عليها عِدَّةٌ بغيرِ عِوَض، قبلَ اسْتيفاءِ العَدَدِ، فكانت رَجْعِيَّةً كقوله: أنتِ طالقٌ. وقولُه: إنَّها واحدةٌ. محمولٌ على ما إذا [أطْلَقَ النِّيَّةَ] (٢)، أو نَوَى واحدةً، فأمَّا إن نَوَى ثلاثا، أو اثْنتَيْنِ، فهو على ما نَوَى؛ لأنَّها كنايةٌ غيرُ ظاهرةٍ، فيُرْجَعُ إلى نِيَّتِه فى عَدَدِها كسائرِ الكناياتِ. ولابُدَّ مِن (٣) أن يَنوِىَ بذلك الطَّلاقَ، أو تكونَ ثَمَّ دَلالةُ حالٍ؛ لأنَّها كنايةٌ، والكناياتُ لابُدَّ فيها مِنَ النِّيَّةِ كذلك. قال (٤) القاضى: ويَنْبَغِى أن تُعْتَبَرَ النِّيَّةُ مِن الذى يقبَلُ أيضًا (٣)، كما تُعْتبَرُ فى اخْتيارِ الزَّوجةِ إذا قال لها: اخْتارِى، أو أمرُك بيدِك. إذا ثَبَتَ هذا؛ فإنَّ صِيغةَ القَبُولِ أن يقولَ أهلُها: قَبِلْنَاها. نصَّ عليه أحمدُ. والحُكْمُ فى هبتِها لنفسِها، أو لأجنبىٍّ، كالحُكْمِ فى هِبَتِها لأهلِها.

فصل: فإن باعَ امرأتَه لغيرِه، لم يَقعْ به طلاقٌ، وإن نَوَى. وبهذا قال الثَّوْرِىُّ،


(١) فى أزيادة: "فيه".
(٢) فى الأصل: "طلق البتة".
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) فى ب، م: "وقال".

<<  <  ج: ص:  >  >>