للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَمْنَعُ من الكلامِ كُلِّه، ولم يَرِدْ في التَّأوُّهِ والأنِينِ ما يَخُصُّهما ويُخْرِجهما من العُمومِ. والمَدْحُ على التَّأوُّهِ لا يُوجِبُ تَخْصِيصَه، كتَشْمِيتِ العاطِسِ، ورَدِّ السَّلامِ، والكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ التي هي صَدَقَةٌ.

فصل: إذا أتَى بِذِكْرٍ مَشْرُوعٍ يَقْصِدُ به تَنْبِيهَ غيرِه، فذلك ثلاثةُ أنواعٍ: الأوَّلُ، مَشْرُوعٌ في الصَّلاةِ، مثل أنْ يَسْهوَ إمامُه فيُسَبِّحِ به لِيُذَكِّرَه، أو يَتْرُكَ إمامُه ذِكْرًا فيرْفَعَ المأْمُومُ صَوْتَه لِيُذَكِّرَهُ به (٢٣)، أو يَسْتَأْذِن عليه إنْسَانٌ في الصَّلاةِ أو يُكَلِّمَهُ (٢٤) أو يَنُوبَهُ شَىْءٌ، فَيُسَبِّحَ لِيَعْلَمَ أنَّه في صَلاةٍ، أو يَخْشَى على إنْسانٍ الوُقُوعَ في شيءٍ، فَيُسَبِّحَ به لِيُوقِظَهُ، أو يَخْشَى أن يُتْلِفَ شيئًا، فَيُسَبِّحَ به لِيَتْرُكَه. فهذا لا يُؤَثِّرُ في الصَّلاةِ في قولِ أكثرِ أهلِ العِلْمِ؛ منهم الأوْزَاعِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وإسْحاقُ، وأبو ثَوْرٍ. وحُكِىَ عن أبِى حنيفةَ أنَّ مَنْ أفْهَمَ غيرَ إمَامِه بالتَّسْبِيحِ فَسَدَتْ صَلاتُه؛ لأنَّه خِطَابُ آدَمىٍّ، فيدْخُلُ في عُمُومِ أحادِيث النَّهْىِ عن الكلامِ. ولَنا، قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من نَابَهُ شَىءٌ في الصَّلاةِ فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ اللهِ؛ فَإنَّهُ لا يَسْمَعُه أَحَدٌ يقُولُ سُبْحَانَ اللَّه إِلَّا الْتَفَتَ". وفى لَفْظٍ "إذا نَابَكُمْ أَمْرٌ فَلْيُسَبِّح الرِّجَالُ ولْتُصَفِّق النِّسَاءُ". مُتَّفقٌ عليه (٢٥). وهو عَامٌّ في كل أمْرٍ يَنُوبُ المُصَلِّى. وفى "المُسْنَدِ" (٢٦)، عن عَلِىٍّ: كنتُ إذا اسْتَأْذَنْتُ على النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إنْ كان في صَلاةٍ سَبَّحَ، وإن كان في غيرِ صلاةٍ أذِنَ. ولأنَّه نَبَّهَ بالتَّسْبِيحِ أشْبَهَ ما لَوْ نَبَّهَ الإِمَامَ، ولو كان تَنْبِيهُ غيرِ الإِمامِ كلامًا مُبْطِلًا لَكان تَنْبِيهُ الإِمامِ كذلك.

فصل: وفي معنى هذا النَّوْعِ، إذا فَتَحَ على الإِمامِ إذا أُرْتِجَ عليه، أو رَدَّ عليه إذا غَلِطَ، فلا بَأْسَ به في الفَرْضِ والنَّفْلِ. ورُوِىَ ذلك عن عثمان، وعلىٍّ، وابْنِ عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنهم. وبه قال عَطَاءٌ، والحَسَنُ، وابْنُ سِيرِينَ، وابْنُ مَعْقِلٍ، ونَافِعُ بن


(٢٣) سقط من: م.
(٢٤) في ازيادة: "بشيء".
(٢٥) تقدم في صفحة ٤١١.
(٢٦) المسند ١/ ٧٩، ١٠٣. وأخرج صدره الترمذي، في: باب ما جاء أن التسبيح للرجال والتصفيق للنساء، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ٢/ ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>