للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من التَّمْرِ، بالصُّبْرَةِ لا يُعْلَمُ مَكِيلُها من التَّمْرِ (١١). ثم هو مخصوصٌ بالمَكِيلِ والمَوْزُونِ، فنَقِيسُ عليه مَحلَّ النِّزاعِ، وما ذُكِرَ من القِيَاسِ غيرُ صحيحٍ؛ لأنَّ المَكِيلَ من جِنْسٍ واحِدٍ، يَجِبُ التَّماثُلُ فيه، فَمُنِعَ من بَيْعِه مُجازَفَةً؛ لِفَوَاتِ المُماثَلَةِ المَشْرُوطَةِ، وفى الجِنْسَيْنِ لا يُشْتَرَطُ التَّماثُلُ، ولا يُمْنَعُ حقيقةُ التَّفاضُلِ، فاحْتِمالُه أولَى أن لا يَكُونَ مانِعًا.

فصل: ولو قال: بِعْتُكَ هذه الصُّبْرَةَ بهذه الصُّبْرَةِ. وهما من جِنْسٍ واحِدٍ، ولا يَعْلَمانِ كَيْلَهُما، لم (١٢) يَصِحَّ؛ لما ذَكَرْنا. وإن عَلِما كَيْلَهُما وتَسَاوِيَهُما، صَحَّ البَيْعُ؛ لوُجُودِ التَّماثُلِ المُشْتَرَطِ. وإن قال: بِعْتُكَ هذه الصُّبْرَةَ بهذه الصُّبْرَةِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ. فَكِيلَتا فكانَتا سَوَاءً، صَحَّ البَيْعُ، وإلَّا فلا. وإن باع صُبْرَةً بِصُبْرَةٍ من غير جِنْسِها، صَحَّ عندَ مَنْ يُجَوِّزُ بَيْعَ المَكِيلِ بالمَكِيلِ جُزافًا. وإن قال: بِعْتُكَ هذه الصُّبْرَةَ بِهذهِ، مِثْلًا بمِثْلٍ. فَكِيلَتا فكانتا سَوَاءً، صَحَّ البَيْعُ، وإن زَادَتْ إحْداهُما فَرَضِىَ صَاحبُ النَّاقِصَةِ بها مع نَقْصِها، أو رَضِىَ صَاحِبُ الزَّائِدَةِ بِرَدِّ الفَضْلِ على صَاحِبِه، جازَ، وإن امْتَنَعا فُسِخَ البَيْعُ بَيْنَهُما. ذَكَرَ هذا الفَصْلَ (١٣) القاضى، وهو مذهبُ الشَّافِعِىِّ.

فصل: ويَجُوزُ قَسْمُ المَكِيلِ وَزْنًا، وقَسْمُ المَوْزُونِ كَيْلًا، وقَسْمُ الثِّمارِ خَرْصًا، وقَسْمُ ما لا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِه بِبَعْضٍ؛ لأنَّ القِسْمَةَ إفْرازُ حقٍّ، وليستْ بَيْعًا. ونُقِلَ عن ابنِ بَطَّةَ ما يَدُلُّ على أنها بَيْعٌ، فيَثْبُتُ فيها أحْكامُ البَيْعِ، ويُمْنَعُ فيها ما ذَكَرْناهُ؛ لأنَّ كلَّ جُزْءٍ من ذلك مُشْتَرَكٌ بينهما، فإذا تَعَيَّنَ لكلِّ واحِدٍ منهما حَقٌّ، فقد اشْتَرَى نَصِيبَ شَريكِه ممَّا تَعَيَّنَ لَه بِنَصِيبِه فيما تَعَيَّنَ لِشَرِيكِه. وللشَّافِعِىِّ قَوْلانِ، كالمذهبيْنِ. والظّاهِرُ أنَّها إفْرَازُ حَقٍّ؛ بِدَلِيلِ اعْتِبارِ تَعْدِيلِ السِّهامِ،


(١١) أخرجه النسائى، فى: باب بيع الصبرة من الطعام بالصبرة من الطعام، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢٣٧.
(١٢) فى م: "لا".
(١٣) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>