للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من النِّسَاءِ كالْقِسْمِ الأوَّلِ، يُبَيِّنُ صِحَّةَ هذا، أنَّه لمَّا (٢) لم يكُنْ للنِّساءِ مَدْخَلٌ في القَسامةِ في العَمْدِ، لم (٣) يكُنْ لهنَّ مَدْخَلٌ في القَسامةِ على الخَطَإِ وشِبْهِ العَمْدِ المُوجِبِ للمالِ، فَيَدُلُّ هذا على أنَّهُنَّ لا مَدْخَلَ لهنَّ في الشَّهادَةِ على دَمٍ بحالٍ. ولَنا، أنَّها شهادةٌ على ما يُقْصَدُ به المالُ على الخُصُوصِ، فوَجبَ أن تُقْبَلَ، كالشَّهادَةِ على البَيْعِ والإِجارةِ. وفارقَ قَتْلَ العَمْدِ؛ فإنَّه مُوجِبٌ للعُقوبةِ التي يُحْتاطُ بإِسْقاطِها، فاحْتِيطَ في الشَّهادةِ على أسبابِها، وفي مسألتِنا، المقصودُ تُقْبَلُ شَهادَتُهُنَّ فيه، فقُبِلَتْ شَهادتُهنَّ على سَبَبِه.

فصل: ولو ادَّعَى جنايَةَ عَمْدٍ، وقال: عَفَوْتُ عن القِصَاصِ فيها. لم يُقْبَلْ فيه شاهدٌ وامْرأتانِ؛ لأنَّه إنَّما يَعْفُو عن شيءٍ ثبَتَ له، ولا يثَبُتُ ذلك القتلُ بتلك الشَّهادَةِ. وإنْ ثبَتَ القتلُ إمَّا بشاهدَيْن، أو بإقْرارِ (٤) المُدَّعَى عليه، صَحَّ العَفْوُ؛ لأنَّ الحَقَّ ثبَتَ له بوُجُودِ القتل، وإنَّما خَفِىَ ثُبوتُه عَمَّن لم يَعْلَمْ ذلك، فإذا عَلِمَ ذلك، عُلِمَ أنَّه كان ثابِتًا من حينَ وُجِدَ القتل، فيكونُ العَفْوُ مُصادِفًا لحَقِّه الثَّابتِ، [فيَنْفُذُ، كما لو أعتقَ] (٥) عَبْدًا يُنازِعُهُ فيه مُنازِعٌ، ثم ثبَتَ أنَّه كان مِلْكَه حينَ العِتْقِ.

فصل: ولا يثبُتُ القتلُ بالشَّهادَةِ إلَّا مع زَوالِ الشُّبْهَةِ في لَفْظِ الشَّاهِدَيْن، نحو أنْ يَقُولا: نَشْهدُ أنَّه ضَرَبَه فقَتَلَه. أو: فماتَ منه. فإنْ قالا: ضَرَبَه بالسَّيفِ فماتَ. أو: فَوَجَدْنَاه (٦) مَيِّتًا. أو: فماتَ عَقِيبَه. أو قالا: ضَرَبَه بِالسَّيفِ، فأسالَ دمَه، أو: فأنْهَرَ دَمَه، فماتَ مَكانَه. لم يَثْبُتِ القَتْلُ؛ لِجَوازِ أن يكونَ ماتَ عَقِيبَ الضَّرْبِ بسَبَبٍ آخَرَ. وقد رُوِيَ عن شُرَيْحٍ؛ أنَّه شَهِدَ عِندَه رجلٌ بالقَتْلِ، فقال: أَشْهدُ أنَّه اتَّكَأَ عليه بمَرْفِقِه فماتَ، فقال له شُرَيْحٌ: فمات منه؟ فأعاد الرَّجُلُ قولَه الأوَّلَ، فقال له


(٢) في ب، م: "ما".
(٣) في م: "ولم".
(٤) في ب: "إقرار".
(٥) في الأصل: "فنفذ عمن عتق".
(٦) في ب: "فوجد".

<<  <  ج: ص:  >  >>