للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجِرْيَةُ؛ لأنها بمنزلةِ ماءٍ نَجِسٍ صُبَّ علَى ما دون القُلَّتَيْن، فلمَّا صار الواقِفُ نَجِسًا نَجُسَ ما يَمُرُّ عليه، ويَحْتَمِلُ أن يُحْكَمَ بطهارةِ الجِرْيَةِ حَالَ مُلاقاتِها للواقِف، ولا يتنَجَّسُ الواقفُ بها، لأنه ماءٌ كثيرٌ لم يتغَيَّرْ فلا يَنْجُس؛ لِقولِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذَا بَلَغ الْمَاءُ قُلَّتَيْن لَمْ يُنجِّسْهُ شَيْءٌ". وهذا مذهبُ الشافعيِّ.

وهذا كلُّه ما لم يتغيَّرْ، فإن تغيَّرَ فَهو نَجِسٌ، وحكمُه حكمُ أعْيانِ النجاسة، فإذا كان الواقفُ متغيِّرًا وحدَه فالْجرْيَةُ التي تَمُرُّ به إن كانتْ قُلَّتَيْن فهي طاهِرةٌ، وإن كانت دون القُلَّتَيْن فهى نَجِسةٌ، وإن كانت الْجِرْيَةُ مُتغيِّرةً، والواقفُ قُلَّتان، فهو طاهِرٌ، وإلَّا فهو نَجِسٌ، وإن كان بعضُ الواقفِ مُتغيِّرًا وبعضُه غيرَ متغيِّرٍ، وكان غيرُ المتغيِّر مع الجِرْيَةِ المُلاقِيَةِ له (٦١) قُلَّتَيْن لم يَنْجُسْ؛ لأنه ماءٌ زائِدٌ عن القُلَّتَيْن لم يتغيَّرْ، فكان طاهِرًا، كما لو كانت الجِرْيةُ قُلَّتَيْن، وإن كان المُتغَيِّرُ من (٦٢) الواقفِ يَلِى الجِرْيتيْن (٦٣) وغيرُ المتغيِّرِ لا يَلِيه ولا يَتَّصِل به من أعْلَى الماءِ ولا من (٦٤) أسْفَلِه، ولا مِن ناحيةٍ من نَواحِيه، وكلُّ واحدٍ منهما دون القُلَّتَيْن، فينْبغِي أن يكونَ الكلُّ نَجِسًا؛ لأنَّ كلَّ ما يُلاقِي الماءَ النَّجِسَ لا يبلغُ القُلَّتَيْن، وإن اتصَّلَ به مِن ناحيةٍ فكُلُّ ما لم يتغَيَّرْ طاهِرٌ إذا بلَغ القُلَّتَيْن؛ لأنه كالغَدِيرَيْن اللذَيْن بينهما ساقِيةٌ، وإن شَكَّ في ذلك فالماءُ طاهِرٌ؛ لأنَّ الأصلَ الطهارةُ، فلا تزولُ بالشَّكِّ، واللَّه أعلم.

فصل: إذا اجْتَمعتِ الجِرْياتُ في مَوْضِعٍ، فإن كان متغيِّرًا بالنجاسةِ فهو نَجِسٌ، وإن كَثُرَ، وإن كان في بعضِ الْجِرْياتِ ماءٌ طاهِر متواترٌ (٦٥) يبلع قُلَّتَين، إمَّا سابقًا وإمَّا لاحِقًا، فالجميعُ طاهِرٌ. ما لم يتغيَّرْ؛ لأنَّ القُلَّتين تدْفَعُ النجاسةَ عن نفسِها، وعمَّا اجتمعتْ معه. وإن كان المجتمِعُ دون القُلَّتَين، وفي بعضِ الجِرْياتِ شيءٌ نَجِسٌ، فالكلُّ نَجِسٌ في ظاهِر المذهب. وإن كان قُلَّتَين إلَّا أن الجِرْياتِ كلَّها


(٦١) سقط من: الأصل.
(٦٢) في م: "منه".
(٦٣) في م: "الجارى".
(٦٤) سقط من: الأصل.
(٦٥) في م: "متوال".

<<  <  ج: ص:  >  >>