للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأتْ يَوْمَيْنِ دَمًا، وتَكَرَّرَ شهرُها خمسةَ عشرَ يومًا. وإنْ كان الطُّهْرُ بينهما أحدَ عشرَ يومًا فما دُونَ وتَكَرَّرَ، فهما حَيْضَةٌ واحدَةٌ؛ لأنَّه ليس بينَ طَرَفَيْهِما أَكْثرُ مِنْ خمسةَ عشرَ (١٢) يومًا، ولا بينهما أقَلُّ الطُّهْرِ. وإنْ كان بينهما اثْنا عشرَ يومًا طُهْرًا، لم يُمْكِنْ كَوْنُهما جميعًا حَيْضًا؛ لأنَّهُ لا يُمْكِنُ كَوْنُهما حَيْضَةً واحدَةً؛ لِزِيَادَتِهِما بما بينهما والطُّهْرِ (١٣) على أكثرِ الحَيْضِ، ولا يُمْكِنُ جَعْلُهُما حَيْضَتَيْنِ؛ لأنَّه ليس بينهما أقَلُّ الطُّهْرِ، فيكونُ حَيْضُها منهما ما وَافَقَ العادَةَ، والآخَرُ اسْتِحَاضَة. وعلى هذا كُلُّ ما يَتَفَرَّعُ مِن المَسَائِلِ، إلَّا أنَّها لا تَلْتَفِتُ إلى ما رَأَتْه بعدَ الطُّهْرِ فيما خَرَجَ عَنِ العادَةِ حتَّى يَتَكَرَّرَ مَرَّتَيْنِ أو ثلاثًا، فإنْ تَكَرَّرَ، وأمْكَنَ جَعْلُهُ حَيْضًا، فهو حَيْضٌ، وإلَّا فلا. وكُلُّ مَوْضِعٍ رأتِ الدَّمَ ولم تَتْرُك العِبَادَةَ فيه، ثم تَبَيَّنَ أنَّه كان حَيْضًا، فعليها قَضَاءُ الصَّوْمِ المَفْرُوضِ فيه. وكُلُّ مَوْضِعٍ عَدَّتْهُ حَيْضًا وتَرَكَتْ فيه العِبادَةَ، ثم تَبَيَّنَ أنَّه طُهْرٌ، فعليها قَضَاءُ ما تَرَكَتْه مِن الواجِبَاتِ فيه.

فصل: واخْتَلَفَ أصْحابُنا في مُرَادِ الْخِرَقِىِّ، رَحِمَه اللهُ، بِقَوْلِه: "فإنْ عَاوَدَهَا الدَّمُ [فَلَا تَلْتَفِت إليْه] (١٤) ". فقال أبو الحسنِ التَّمِيمِىُّ، والقاضى، وابْنُ عَقِيلٍ: أرادَ إذا عاوَدَها بعدَ العادَةِ، وعَبَرَ أكثرَ الحَيْضِ، بِدَلِيلِ أنَّه مَنَعَها أنْ تَلْتَفِتَ إليه مُطْلَقًا، ولو أرادَ غير ذلك لقال: حتَّى يَتَكَرَّرَ. قال القاضي: ويَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ إذا عاوَدَها بعدَ العادَةِ ولم يَعْبُرْ. فإنَّها لا تَلْتَفِتُ إليه قَبْلَ التَّكْرَارِ. وقال أبو حفصٍ العُكْبَرِيُّ: أرادَ مُعاوَدَةَ الدَّمِ في كُلِّ حالٍ، سواءٌ كانَ في العادَةِ أو بَعْدَها؛ لأنَّ لَفْظَه مُطْلَقٌ، فيتَنَاوَلُ بإِطْلَاقِهِ الزَّمانَ كُلَّه. وهذا أظْهَرُ، إنْ شاءَ اللهُ. وما ذكرُوه مِن التَّرْجِيحِ مُعَارَضٌ بِمِثْلِه، وهو أنَّ قَوْلَهم يَحْتَاجُ إلى إضْمَارِ عُبُورِ أكثرِ الحَيْضِ، وليس هذا أَوْلَى مِن إضْمَارِ التَّكْرَارِ، فيتَسَاوَيانِ، ويَسْلَمُ التَّرْجِيحُ الذي ذَكَرْنَاه.

فصل في التَّلْفِيقِ: ومَعْنَاه ضَمُّ الدَّمِ إلى الدَّمِ اللَّذَيْنِ بَينهما طُهْرٌ. وقد ذَكَرْنا أنَّ


(١٢) في الأصل زيادة: "وإن كان الطهر" خطأ.
(١٣) في م: "من الطهر".
(١٤) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>