للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والشافعىٍّ. وعن أحمدَ، أنَّه قال: إذا تَزَوّجَ بشهادةِ نِسْوَةٍ، لم يَجُزْ، فإن كان معهنَّ رجل، فهو أهْوَنُ. فيَحْتَمِلُ أَنَّ هذا روايةٌ أُخْرَى فى انْعقاده بذلك. وهو قولُ أصْحابِ الرَّأْىِ. ويُرْوَى عن الشَّعْبِىِّ؛ لأنَّه عَقْدُ مُعاوَضةٍ، فانْعَقَدَ بشَهادَتِهِنَّ (٢٧) مع الرِّجالِ، كالبَيْعِ. ولَنا، أَنَّ الزُّهْرِىِّ قال: مَضَتِ السُّنَّةُ من (٢٨) رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أن لا تجوزَ شهادةُ النِّساءِ فى الحُدُودِ، ولا فى النِّكاحِ، ولا فى الطَّلاقِ. رَوَاه أبو عُبَيد (٢٩)، فى "الأموالِ". وهذا يَنْصَرِفُ إلى سُنَّةِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. ولأنَّه عَقْدٌ ليس بمالٍ، ولا المَقْصُودُ منه المالُ، ويحضرُه الرجالُ فى غالبِ الأحْوالِ، فلم (٣٠) يَثْبُتْ بشَهادَتِهِنَّ (٢٧) كالحُدُودِ، وبهذا فارَقَ البَيْعَ. ويَحْتَمِلُ أَنَّ أحمدَ إنَّما قال: هو أهْوَنُ. لوُقُوعِ الخِلافِ فيه، فلا يكونُ رِوَايةً.

فصل: ولا يَنْعقِدُ بشهادَةِ صَبِيَّيْنِ؛ لأنَّهما ليسا من أهلِ الشهادةِ. ويَحْتَمِلُ أن ينْعقِدَ بشهادةِ مُرَاهِقَيْنِ عاقِلَيْنِ. ولا ينعقدُ بشهادةِ مَجْنُونَيْنِ، ولا سائرِ مَنْ لا شهادةَ له؛ لأنَّ وُجُودَه كالعَدَمِ. ولا ينعقدُ بشهادةِ أَصَمَّيْنِ؛ لأنَّهما لا يَسْمَعانِ. ولا أَخْرَسَيْنِ؛ لعدمِ إمْكانِ الأدَاءِ منهما. وفى انْعقادِه بحُضُورِ أهلِ الصنائِعِ الزَّرِيَّةِ، كالحَجَّامِ ونحوِه، وَجْهانِ، بِناءً على قبولِ شَهادتهِم. وفى انْعِقادِه بشهادةِ عَدُوّيْنِ أو ابْنَىِ الزَّوْجَيْنِ أو أحَدِهِما وَجْهان؛ أحدهما، ينعقدُ. اختارَه أبو عبدِ اللَّه ابن بطّةَ؛ لعُمُوم قوله: "إِلَّا بِوَلِىٍّ وشَاهِدَىْ عَدْلٍ". ولأنَّه ينْعَقِدُ بهما نِكاحُ غيرِ هذا الزَّوْجِ، فانْعَقَدَ بهما نِكاحُه، كسائرِ العُدُولِ. والثانى، لا ينعقدُ بشهادَتِهِما (٣١)؛ لأنَّ العَدُوَّ لا


(٢٧) فى م: "بشهادتين".
(٢٨) فى م: "عن".
(٢٩) وأخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب فى شهادة النساء فى الحدود، من كاب الحدود. المصنف ١٠/ ٥٨ مختصرا. وانظر: نصب الراية ٤/ ٧٩، والتلخيص الحبير ٤/ ٣٠٧.
(٣٠) فى م: "فلا".
(٣١) فى الأصل، أ، ب: "بشهادته".

<<  <  ج: ص:  >  >>