للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ الثَّمرَةَ تَخْرُجُ على مِلْكَيْهِما (١٢)، كالرِّبْحِ في المُضَارَبةِ، واحْتَمَلَ أن يكونَ من ثُلُثِه؛ لأنَّ الثَّمَرةَ زِيَادَةٌ في مِلْكِه، خارِجَةٌ من (١٣) عَيْنِه، والرِّبْحُ لا يَخْرُجُ من (١٣) عَيْنِ المالِ، إنَّما يَحْصُلُ بالتَّقْلِيبِ.

فصل: وإذا ماتَ ربُّ المالِ، قَدَّمْنَا حِصَّةَ العامِلِ على غُرَمائِه، ولم يَأْخُذُوا شيئا من نَصيبِه؛ لأنَّه يَمْلِكُ الرِّبْحَ بالظُّهُورِ، فكان شَرِيكًا فيه، وليس لِرَبِّ المالِ شيءٌ من نَصِيبِه، فهو كالشَّرِيكِ بمَالِه، ولأنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بعَيْنِ المالِ دونَ الذِّمَّةِ، فكان مُقَدَّمًا، كحَقِّ الجِنَايَةِ، ولأَنَّه مُتَعَلِّقٌ بالمالِ قبلَ المَوْتِ، فكان أسْبَقَ، كحَقِّ الرَّهْنِ.

فصل: وإن ماتَ المُضَارِبُ ولم يُعْرَفْ مالُ المُضَارَبةِ بعَيْنِه، صارَ دَيْنًا في ذِمَّتِه، ولِصَاحِبِه أُسْوَةُ الغُرَماءِ. وقال الشّافِعِىُّ: ليس على المُضارِبِ شيءٌ؛ لأنَّه لم يكُنْ (١٤) في ذِمَّتِه وهو حَىٌّ شيءٌ، ولم يُعْلَمْ حُدُوثُ ذلك بالمَوْتِ، فإنَّه يَحْتَمِلُ أن يكونَ المالُ قد هَلَكَ. ولَنا، أنَّ الأَصْلَ بَقَاءُ المالِ في يَدِهِ، واخْتِلَاطُه بجُمْلَةِ التَّرِكَةِ، ولا سَبِيلَ إلى مَعْرِفَةِ (١٥) عَيْنِه، فكان دَيْنًا كالوَدِيعَةِ إذا لم تُعْرَفْ عَيْنُها، ولأنَّه لا سَبِيلَ إلى إسْقاطِ حَقِّ رَبِّ المالِ؛ لأنَّ الأَصْلَ بَقَاؤُه، ولم يُوجَدْ ما يُعَارِضُ ذلك ويُخَالِفُه، ولا سَبِيلَ إلى إعْطائِه عَيْنًا (١٦) من هذا المالِ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يكونَ من غيرِ مالِ المُضَارَبةِ، فلم يَبْقَ إلَّا تَعَلُّقُه بالذِّمَّةِ.

٨٣٦ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا تَبَيَّنَ لِلْمُضَارِبِ أنَّ فِي يَدِه فَضْلًا، لَمْ يَكُنْ لَهُ أخْذُ شَيءٍ مِنْهُ إلَّا بإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ)

وجُمْلَتُه أنَّ الرِّبْحَ إذا ظَهَرَ في المُضَارَبةِ، لم يَجُزْ لِلْمُضَارِبِ أخْذُ شيءٍ منه بغيرِ إذْنِ


(١٢) في أ: "ملكهما".
(١٣) في م: "عن".
(١٤) في م زيادة: "له".
(١٥) في ب: "معرفته".
(١٦) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>