للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ويَجِبُ أنْ يَطْمَئِنَّ في رُكُوعه. ومَعْنَاه أنْ يَمْكُثَ إذا بَلَغَ حدَّ الرُّكُوعِ قَلِيلًا. وبهذا قال الشَّافعىُّ. وقال أبو حنيفَة: الطُّمَأْنِينَةُ غيرُ وَاجبَةٍ. لقولِهِ تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} (١٢). ولم يَذْكُر الطُّمَأْنِيَنةَ، والأَمْرُ بالشَّىءِ يَقْتَضِى حُصولَ الإِجْزَاءِ به. ولَنا، قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- للمُسِىءِ في صلاتِهِ: "ثمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا" مُتَّفَقٌ عليه (١٣). ورَوَى أبو قتادَة، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-, قال: "أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِى يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ". قِيلَ: وكَيْفَ يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ؟ قال: "لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا ولَا سُجُودَهَا (١٤) ". وقال: "لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ صُلْبَهُ فِيهَا في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ". رَوَاهُ البُخارىُّ (١٥). والآيةُ حُجَّةٌ لنا؛ لأن النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَسَّرَ الرُّكُوعَ بِفِعْلِه وقَوْلِه، فالمُرادُ بِالرُّكُوعِ ما بَيَّنَه النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

فصل: فإذا رَفَعَ (١٦) رأْسَه، وشكَّ هل ركعَ أوْ لا، أو هل أتَى بِقَدْرِ الإِجْزَاءِ (١٧) أوْ لا؟ لم يَعْتَدَّ به، وعليه أنْ يَعُودَ فيَرْكَعَ حتى يَطْمَئِنَّ رَاكِعًا؛ لأنَّ


(١٢) سورة الحج ٧٧.
(١٣) تقدم تخريج حديث المسىء صلاته في حاشية صفحة ١٤٦، ويضاف إليه لما لفظه هنا: وأخرجه البخاري، في: باب وجوب القراءة للإِمام والمأموم. . . إلخ، من كتاب الأذان. صحيح البخاري ١/ ١٩٢، ١٩٣. والنسائي، في: باب الرخصة في ترك الذكر في الركوع، من كتاب التطبيق، وفى: باب أقل ما يجزىءُ من عمل الصلاة، من كتاب السهو. المجتبى ٢/ ١٥١، ٣/ ٥٠، ٥١.
(١٤) أخرجه الدارمي، في: باب في الذي لا يتم الركوع والسجود، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي ١/ ٣٠٥. والإِمام أحمد، في: المسند ٥/ ٣١٠.
(١٥) كذا ذكر المؤلف، ولم نجده في صحيح البخاري، ولم يذكر السيوطي في الجامع الكبير ١/ ٨٨١ أن البخاري أخرجه.
وأخرجه أبو داود، في: باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، من كتاب الصلاة، كما أخرجه الترمذي في الباب نفسه. سنن أبي داود ١/ ١٩٧، وعارضة الأحوذى ٢/ ٦٦. وأخرجه النسائي، في: باب إقامة الصلب في الركوع، من كتاب افتتاح الصلاة، وفى: باب إقامة الصلب في السجود، من كتاب التطبيق. المجتبى ٢/ ١٤٣، ١٦٩، وابن ماجه، في: باب الركوع في الصلاة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٢٨٢. والدارمى، في: باب في الذي لا يتم الركوع والسجود، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي ١/ ٣٠٤. والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ١١٩، ١٢٢.
(١٦) سقط من: م.
(١٧) في النسخ: "الإِجراء". ولعل الصواب ما أثبتنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>