للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِشِرَائِه له (١٦)، لم تَثْبُتْ فيه الشُّفْعَةُ، إلَّا أن تَثْبُتَ بِبَيِّنَةٍ، أو يَقْدَمَ الغائِبُ ويَبْلُغَ الطِّفْلُ، فيُطَالِبُهما بها؛ لأنَّ المِلْكَ يَثْبُتُ لهما بإقْرارِه به، فإِقْرارُه بالشِّراءِ بعدَ ذلك إقْرارٌ في مِلْكِ غيرِه، فلا يُقْبَلُ، بخِلَافِ ما إذا أقَرَّ بالشِّرَاءِ ابْتَداءً: لأنَّه المِلْكَ ثَبَتَ لهما بذلك الإِقْرارِ المُثْبِتِ لِلشُّفْعةِ، فثَبَتَا جَمِيعًا. وإن لم يَذْكُرْ سَبَبَ المِلْكِ، لم يَسْأَلْهُ الحاكِمُ عنه، ولم يُطَالَبْ (١٧) بِبَيانِه؛ لأنَّه لو صَرَّحَ بالشِّرَاءِ لم تَثْبُتْ به شُفْعةٌ، فلا فائِدَةَ في الكَشْفِ عنه. ومَذْهَبُ الشّافِعِىِّ في هذا الفَصْلِ كلِّه (١٨) كمَذْهَبِنَا.

فصل: وإذا كانت دارٌ بين حاضِرٍ وغائِبٍ، فادَّعى الحَاضِرُ على مَنْ في يَدِه نَصِيبُ الغائِبِ أنَّه اشْتَراه منه، وأنَّه يَسْتَحِقّهُ بالشُّفْعةِ، فصَدَّقَهُ، فلِلشَّفِيعِ أخْذُه بالشُّفْعةِ؛ لأنَّ مَنْ في يَدِه العَيْنُ يُصَدَّقُ في تَصَرُّفِه فيما في يَدَيْه. وبهذا قال أبو حنيفةَ، وأصْحابُه. ولأصْحابِ الشَّافِعِىِّ في ذلك وَجْهانِ؛ أحَدُهُما، ليس له أخْذُه؛ لأنَّ هذا إقْرارٌ على غيرِه. ولَنا، أنَّه أقَرَّ بما في يَدِه، فقُبِلَ إقْرَارُه، كما لو أَقَرَّ بأَصْلِ مِلْكِه، وهكذا لو ادَّعَى عليه أنَّك بِعْتَ نَصِيبَ الغائِبِ بإذْنِه، وأقر له الوَكِيلُ، كان كإقْرارِ البائعِ بالبَيْعِ. فإذا قَدِمَ الغائِبُ فأنْكَرَ البَيْعَ. أو الإِذْنَ في البَيْعِ، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه، ويَنْتَزِعُ الشِّقْصَ، ويُطَالِبُ بأَجْرِه مَن شاء منهما، ويَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ على الشَّفِيعِ؛ لأنَّ المَنافِعَ تلِفَتْ تحت يَدِه، فإن طَالَبَ الوَكِيلَ، رَجَعَ على الشَّفِيعِ، وإن طَالَبَ الشَّفِيعَ، لم يَرْجِعْ على أحدٍ. وإن ادَّعَى على الوَكِيلِ، أنَّك اشْتَرَيْتَ الشِّقْصَ الذي في يَدِكَ. فأنْكَرَ، وقال: إنَّما أنا وَكِيلٌ فيه، أو مُسْتَوْدَعٌ له. فالقولُ قولُه مع يَمِينِه، فإن كان لِلمُدَّعِى بَيِّنَةٌ، حُكِمَ بها. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشَّافِعِىُّ، مع أن أبا حَنِيفةَ لا يَرَى القَضَاءَ على الغائِبِ؛ لأنَّ القَضَاءَ ههُنا على الحاضِرِ بِوُجُوبِ الشُّفْعةِ عليه، واسْتِحْقاقِ انْتِزَاعِ


(١٦) سقط من: ب.
(١٧) في ب: "يطالبه".
(١٨) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>