للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَأْكُلْ" (٤) مُتَّفَقٌ عليه (٥). وهذا نصّ، ولأنَّ ما قَتَلَه بحَدِّه بمَنْزلَةِ ما طَعَنَه برُمْحِه، أو رَماهُ بِسَهْمِه، ولأنَّه مُحَدَّدٌ خَرَقَ وقَتَلَ بحَدِّه، وما قتلَ بعرضِه إنّما يقْتُلُه بثُقْلِه، فهو مَوْقُوذٌ، كالذى رَماه بحَجَرٍ أو بُنْدُقَةٍ (٦).

فصل (٧): وحُكْمُ سائِرِ آلاتِ الصَّيْدِ حُكْمُ المِعْراضِ، فى أَنَّها إذا قَتَلَتْ بعَرْضِها ولم تَجْرَحْ، لم يُبَحِ الصَّيْدُ، كالسَّهْمِ يُصِيبُ الطَّائِرَ بعَرْضِه فيقتُلُه، والرُّمْحِ والحَرْبَةِ والسَّيْفِ يُضْرَبُ به صَفْحًا فيقْتُلُ، فكُلُّ ذلك حَرامٌ. وهكذا إنْ أصابَ بحَدِّه فلم يَجْرَحْ، وقَتَلَ بثُقْلِه، لم يُبَحْ؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا خَرَقَ، فَكُلْ". ولأنَّه إذا لم يجرَحْه، فإنَّما يَقْتُلُ (٨) بثُقْلِه، فأشْبَهَ ما أصابَ بعَرْضِه.

١٧١٥ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا رَمَى صَيْدًا فعَقَرَه، ورَمَاهُ آخَرُ فَأَثْبَتَهُ، ورَمَاهُ آخَرُ فقَتَلَهُ، لَمْ يُؤْكَلْ، وَكَانَ لِمَنْ أَثْبَتَهُ الْقِيمَةُ مَجْرُوحًا عَلَى قَاتِلِهِ)

أمَّا الذى عَقَرَه ولم يُثْبِتْه، فلا شىءَ له ولا عليه؛ لأنَّه حينَ ضَرَبَه كان مُباحًا لا مِلْكَ لأَحَدٍ فيه، ولم يثْبُتْ له فيه حَقٌّ؛ لأنَّه باقٍ على امْتِناعِه، وأمَّا الذى أَثْبَتَه فقد مَلَكَه؛ لأنَّه أزالَ امْتِناعَه، فصارَ بمنزِلَةِ إمْساكِه، فإذا ضَرَبه الثالِثُ فقَتَلَه، فعليه ضَمانُه؛ لأنَّه قَتَلَ حيوانًا مَمْلُوكًا لغيرِه. وهذا محمولٌ على أَنَّ جُرْحَ المُثْبَتِ ليس بمُوحٍ، بدليلِ أنَّه نَسَبَ القتلَ إلى الثالِثِ، ويَضْمَنُه مَجْروحًا جُرْحَيْن (١) الجرح الأوَّلَ والثانِىَ؛ لأنَّه قَتَلَه وهُما فيه. فأمَّا إباحَتُه، فيُنْظَرُ فيه، فإنْ كان القاتِلُ أصابَ مذْبَحَه حلَّ؛ لأنَّه صادَفَ مَحَلَّ الذَّبْحِ، وليس عليه إلَّا أَرْشُ ذَبْحِه، كما لو ذَبَحَ شاةً لغيرِه، وإِنْ كان أصابَ غيرَ مَذْبَحِه لم يَحِلَّ؛ لأنَّه لمَّا أثْبَتَه صارَ مَقْدُورًا عليه، لا يَحِلُّ إلَّا بالذَّبْحِ فى الحَلْقِ واللَّبَّةِ، فإذا قَتَلَه بغيرِ ذلك لم


(٤) فى أ: "تأكله".
(٥) تقدم تخريجه، فى صفحة ٢٥٧.
(٦) فى م: "ببندقة".
(٧) فى ت، م زيادة: "قال".
(٨) فى م: "يقتله".
(١) فى م: "حين".

<<  <  ج: ص:  >  >>