للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَجْهَيْنِ ما لو وَصَّى لِرَجُلٍ بِعَبْدٍ من عَبِيدِه، هل يُعْطَى أحَدَهُم بالقُرْعةِ، أو يُرْجَعُ فيه (٣) إلى اخْتِيارِ الوَرَثةِ؟ وسَيَأْتِى الكَلَامُ عليها. والفَرْقُ بين مَسْأَلَتِنا وبين هذه المَسْأَلةِ على هذا الوَجْهِ، أنَّه (٤) جَعَلَ الأمْرَ إلى الوَرَثةِ، حيثُ أمَرَهُم بالإِعْتَاقِ، فكانت الخِيَرَةُ إليهم، وفي مَسْأَلَتِنا لم يَجْعَلْ لهم من الأمْرِ شيئًا، فلا يكونُ لهم خِيَرَةٌ.

فصل: ونَقَلَ صالِحٌ عن أبِيه، في مَن له غُلَامانِ اسْمُهُما واحدٌ، فقال: فلانٌ حُرٌّ بعدَ مَوْتِى. وله مائتَا دِرْهَمٍ. ولم يُعَيِّنْهُ، يُقْرَعُ بينهما، فيَعْتِقُ مَن خَرَجَتْ له القُرْعةُ، وليس له من المائتَيْنِ شيءٌ. وَوَجْهُ ذلك - واللَّه أعلم - أنَّ الوَصِيَّةَ بالمائتَيْنِ وَقعَتْ لغيرِ مُعَيَّنٍ، ولا تَصِحُّ الوَصِيَّةُ إلَّا لِمُعَيَّنٍ. وقال القاضي: يَجِبُ أن تَصِحَّ هذه الوَصِيَّةُ؛ لأنَّها مُسْتَحِقُّها حُرٌّ في حالِ اسْتِحْقاقِها. ونُقِلَ عن أحمدَ، في مَن قال: أعْتِقُوا رَقَبةً عَنِّى. فلا يُعْتَقُ عنه إلَّا مُسْلِمٌ؛ وذلك لأنَّ المُطْلَقَ مِنْ (٥) كَلَامِ الآدَمِىِّ يُحْمَلُ على المُطْلَقِ مِن كَلَامِ اللهِ تعالى، ولمَّا أمَرَ اللهُ تعالى بِتَحْرِيرِ رَقَبةٍ، لم يَتَنَاوَلْ إلَّا المُسْلِمَ، فكذلك الآدَمِىُّ.

٩٧٧ - مسألة؛ قال: (وَإذَا أوْصَى أنْ يُشْتَرَى عَبْدُ زَيْدٍ بِخمْسِمائَةٍ، فَيُعْتَقَ، فَلَمْ يَبِعْهُ سَيِّدُهُ، فَالْخَمْسُمائَةِ لِلْوَرَثةِ. وإن اشْتَرَوْهُ بأقَلَّ، فَمَا فَضَلَ فَهُوَ لِلْوَرَثةِ)

أمَّا إذا تَعَذَّرَ شِرَاؤُه، إمَّا لِامْتِناعِ سَيِّدِه من بَيْعِه، أو من بَيْعِه بالخمسِمائة، وإمَّا لِمَوْتِه، أو لِعَجْزِ الثُّلُثِ عن ثَمَنِه، فالثَّمنُ لِلْوَرَثةِ؛ لأنَّ الوَصِيَّةَ بَطَلَتْ لِتَعَذُّرِ العَمَلِ بها، فأشْبَه ما لو وَصَّى لِرَجُلٍ فماتَ قبلَ مَوْتِ المُوصِى، أو بعدَه ولم يَدَعْ وارِثًا. ولا يَلْزَمُهُم شِرَاءُ عَبْدٍ آخَر؛ لأنَّ الوَصِيَّةَ لِمُعَيَّنٍ، فلا تُصْرَفُ إلى غيرِه. وأمَّا إن اشْتَرَوْهُ بأقَلَّ، فالباقِى لِلْوَرَثةِ. وقال الثَّوْرِىُّ: يُدْفَعُ جَمِيعُ الثَّمنِ إلى سَيِّدِ العَبْدِ؛ لأنَّه قَصَدَ


(٣) سقط من: أ، م.
(٤) في الأصل زيادة: "لو".
(٥) في م: "في".

<<  <  ج: ص:  >  >>