للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاجِدٍ، ولأنَّه سَبَبٌ لِلصّلَاةِ مُخْتَصٌّ بها، فلَزِمَهُ الاجْتِهَادُ في طلبه عندَ الإِعْوَاز، كالقِبْلَةِ.

فصل: وصِفَةُ الطَّلَبِ أن يَطْلُبَ في رَحْلِهِ، ثم إنْ رَأَى خُضْرَةً أو شَيْئًا يَدُلُّ على الماءِ قَصَدَهُ فاسْتَبْرَأَهُ، وإن كان بِقُرْبِهِ رَبْوَةٌ أو شيءٌ قائِمٌ أتاهُ وطَلَبَ عندَه، وإنْ لم يكنْ نَظَرَ أمامَهُ ووراءَهُ، وعن يَمِينِهِ ويسارِهِ، وإن كانت له رِفْقَةٌ يُدِلُّ عليهم طَلَبَ منهم، وإنْ وَجَدَ مَنْ له خِبْرَةٌ بالمكانِ سَألهُ عن مِيَاهِهِ، فإنْ لم يَجدْ فهو عادِمٌ. وإنْ دُلَّ على ماءٍ لَزِمَهُ قَصْدُهُ إن كان قَرِيبًا، ما لم يَخَفْ على نَفْسِه أَو مَالِه، أوْ يَخْشَى فَوَاتَ رِفْقَتِه، ولم يَفُتِ الوَقْتُ. وهذا مَذْهَبُ الشَّافِعِىِّ.

فصل: فإنْ طَلَبَ الماءَ (٣) قبلَ الوَقْتِ، فعليه إعَادَةُ الطَّلَبِ بعدَهُ. قالَه ابنُ عَقِيلٍ؛ لأنَّه طَلَبٌ قبل المُخَاطَبَةِ بالتَّيَمُّمِ، فلم يَسْقُطْ فَرْضُهُ، كالشَّفِيعِ إذا طَلَبَ الشُفْعةَ قبلَ البَيْعِ. وإن طَلَبَ بعدَ الوَقْتِ، ولم يَتَيَمَّمْ عَقِيبَهُ، جازَ التَّيَمُّمُ بعدَ ذلك مِنْ غيرِ تَجْدِيدِ طَلَبٍ.

الشَّرْطُ الثَّالِثُ؛ إعْوَازُ الماءِ بعدَ الطَّلَبِ. ولا خِلافَ في اشْتِرَاطِهِ؛ لأنَّ اللَّه تعالى قالَ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}. وقال عليه السَّلَامُ: "التُّرَابُ كَافِيكَ مَا لَمْ تَجِدِ الماءَ". فاشْتَرَطَ أنْ لا يَجِدَ الماءَ، ولأنَّ التَّيَمُّمَ طهارَةُ ضَرُورَةٍ، لا (٤) يَرْفَعُ الحَدَثَ، فلا يَجُوزُ إلَّا عندَ الضَّرُورَةِ، ومع وُجُودِ الماءِ، لا ضَرُورَةَ.

فصل: وإذا وَجَدَ الجُنُبُ ما يَكْفِي بعضَ أعْضَائِهِ، لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُه، ويَتَيَمَّمُ للباقى. نَصَّ عليه أحمدُ فِيمَنْ وَجَدَ ما يَكْفِيهِ لِوُضُوئِهِ، وهو جُنُبٌ، قال: يَتَوَضَّأُ ويَتَيَمَّمُ. وبه قال عبدةُ بن أبي لُبَابَةَ، ومَعْمَرٌ، ونَحْوَه قال عَطَاء، وهو أحَدُ قَوْلَىِ الشَّافِعِىِّ. وقال الحسنُ، والزُّهْرِىُّ، وحَمَّاد، ومَالِك، وأَصْحَابُ الرَّأْىِ، وابنُ المُنْذِرِ، والشَّافِعِىُّ في القولِ الثاني: يَتَيَمَّمُ، ويَتْرُكُه؛ لأنَّ هذا الماءَ لا يُطَهِّرُهُ، فلم يَلْزَمْه اسْتِعْمَالُه، كالمُسْتَعْمَلِ. ولنا، قَوْلُه تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}،


(٣) سقط من: الأصل.
(٤) في م: "ولا".

<<  <  ج: ص:  >  >>