للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن شَرِيكَه قَبَضَ الثَّمنَ، لم يَمْلِكْ مُطَالَبَتَهُ بشيءٍ، لأنَّه ليس بوَكِيلٍ له في القَبْضِ، فلا يَقَعُ قَبْضُه له. هكذا ذَكَرَه بعضُ أصْحابِنَا، وعندى لا تُقْبَلُ شَهَادَتُه له؛ لأنَّه يَدْفَعُ عن نَفْسِه ضَرَرَ مُشَارَكَةِ شَرِيكِه له فيما يَقْبِضُه من المُشْتَرِى. وإذا لم تكنْ له (٢٣) بَيِّنَة، فحَلَفَ، أخَذَ من المُشْتَرِى نِصْفَ الثَّمنِ، وإن نَكلَ، أخَذَ المُشْتَرِى منه نِصْفَه.

فصل: وإذا كان العَبْدُ بين اثْنَيْنِ، فغَصَبَ رَجُلٌ نَصِيبَ أحَدِهما، بأن يَسْتَوْلِىَ على العَبْدِ، ويَمْنَعَ أحَدَهما الانْتِفاعَ دُونَ الآخَرِ، ثم إنَّ مالِكَ نِصْفِه والغاصِبَ باعَا العَبْدَ صَفْقةً واحِدَةً، صَحَّ في نَصِيبِ المالِكِ، وبَطَلَ في نَصِيبِ الغاصِبِ. وإن وَكَّلَ الشَّرِيكُ الغاصِبَ، أو وَكَّلَ الغاصِبُ الشَّرِيكَ في البَيْعِ، فباعَ العَبْدَ كلَّه صَفْقةً واحِدَةً، بَطَلَ في نَصِيبِ الغاصِبِ، في الصَّحِيحِ. وهل يَصِحُّ في نَصِيبِ الشَّرِيكِ؟ على رِوَايَتَيْنِ، بِنَاءً على تَفْرِيقِ الصَفْقَةِ؛ لأنَّ الصَّفْقةَ ههُنا وَقَعَتْ واحِدَةً، وقد بَطَلَ البَيْعُ في بعضِها، فبَطَلَ في سائِرِها. بخِلَافِ ما إذا باعَ المالِكُ والغاصِبُ، فإنَّهما عَقْدانِ؛ لأنَّ عَقْدَ الواحِدِ مع الاثْنَيْنِ عَقْدانِ. ولو أنَّ الغاصِبَ ذَكَرَ لِلْمُشْتَرِى أنَّه وَكِيلٌ (٢٤) في نِصْفِه، لصَلَحَ في نَصِيبِ الآذِنِ؛ لكَوْنِه كالعَقْدِ المُنْفَرِدِ.

فصل: وإذا كان لِرَجُلَيْنِ دَيْنٌ لِسَبَبٍ واحدٍ؛ إما عَقْدٍ أو مِيرَاثٍ أو اسْتِهْلَاكٍ أو غيرِه، فقَبَضَ أحَدُهُما منه شَيْئًا، فللآخَرِ مُشَارَكَتُه فيه. هذا ظاهِرُ المذهبِ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ ما يَدُلُّ على أنَّ لأحَدِهما أن يَأْخُذَ حَقَّه دُونَ صاحِبِه، ولا يُشَارِكُه الآخَرُ فيما أخَذَه. وهو قولُ أبى العَالِيَةِ، وأبى قِلَابةَ، وابن سِيرِينَ، وأبى عُبَيْدٍ. قيل لأَحمدَ: بِعْتُ أنا وصَاحِبِى متَاعًا بَيْنِى وبَيْنَه، فأعْطانِى حَقِّى، وقال: هذا حَقُّكَ خاصَّةً، وأنا أُعْطِى شَرِيكَكَ بعدُ. قال: لا يجوزُ. قيل له: فإن أَخَّرَهُ أو أبْرَأهُ من حَقِّه دُونَ صاحِبِه؟ قال: يجوزُ. قيل: فقد قال أبو عُبَيْدٍ: له أن يَأْخُذَ دون صاحِبِه إذا كان له أن يُؤَخِّرَ، ويُبْرِئَه دون


(٢٣) سقط من: أ، ب، م.
(٢٤) في أ، ب، م: "وكل".

<<  <  ج: ص:  >  >>