للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُشْتَرِى من شيءٍ من الثَّمَنِ؛ لأنَّ البائِعَ لم يُوَكِّلْه في القَبْضِ، فقَبْضُهُ له (١٩) لا يَلْزَمُه، ولا يَبْرَأُ المُشْتَرِى منه، كما لو دَفَعَهُ إلى أجْنَبِىٍّ. ولا يُقْبَلُ قولُ المُشْترِى على شَرِيكِ البائِعِ؛ لأنَّه يُنْكِرُه، وللبائِعِ المُطَالَبةُ بقَدْرِ نَصِيبِه لا غيرُ؛ لأنَّه مُقِرٌّ أن شَرِيكَه قَبَضَ حَقَّه. ويَلْزَمُ المُشْتَرِىَ دَفْعُ نَصِيبِه إليه، ولا يَحْتاجُ إلى يَمِينٍ (٢٠)؛ لأنَّ المُشْتَرِىَ مُقِرٌّ بِبَقَاءِ حَقِّه. وإن دَفَعَه إلى شَرِيكِه، لم تَبْرَأْ ذِمَّتُه، فإذا قَبَضَ حَقَّه، فلِشَرِيكِه مُشَارَكَتُه فيما قَبَضَ؛ لأنَّ الدَّيْنَ لهما ثابِتٌ بِسَبَبٍ واحِدٍ، فما قَبَضَ منه يكونُ بينهما، كما لو كان مِيراثًا. وله أن لا يُشَارِكَه، ويُطَالِبَ المُشْتَرِىَ بحَقِّه كلِّه. ويَحْتَمِلُ أن لا يَمْلِكَ الشَّرِيكُ مُشَارَكَتَهُ فيما قَبَضَ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَسْتَحِقُّ ثمَنَ نَصِيبِه الذي يَنْفَرِدُ به، فلم يكُنْ لِشَرِيكِه مُشَارَكَتُه فيما قَبَضَ من ثَمَنِه، كما لو باعَ كلُّ واحدٍ منهما نَصِيبَه في صَفْقَةٍ. ويُخَالِفُ المِيرَاثَ؛ لأنَّ سَبَبَ اسْتِحْقاقِ الوَرَثَةِ لا يَتَبَعَّضُ، فلم يكن لِلْوَرَثةِ تَبْعِيضُه، وههُنا يَتَبَعَّضُ؛ لأنَّه إذا كان البائِعُ اثْنَيْنِ كان بمَنْزِلةِ عَقْدَيْنِ، ولأنَّ الوَارِثَ نائِبٌ عن المَوْرُوثِ، [فكان ما يَقْبِضُه لِلْمَوْرُوثِ] (٢١) يَشْتَرِكُ فيه جَمِيعُ الوَرَثةِ، بخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، فإنّ ما يَقْبِضُه لِنَفْسِه. فإن قُلْنا: له مُشَارَكَتُه فيما قَبَضَ. فعليه اليَمِينُ أنَّه لم يَسْتَوْفِ حَقَّهُ من المُشْتَرِى، ويَأْخُذُ من القابِض نِصْفَ ما قَبَضَهُ، ويُطالِبُ المُشْتَرِىَ ببَقِيَّةِ حَقِّه، إذا حَلَفَ له أيضًا أنَّه ما قَبَضَ منه شيئا. وليس لِلْمَقْبُوض منه أن يَرْجِعَ على المُشْتَرِى بعِوَضٍ ما أخَذ منه؛ لأنَّه مُقِرٌّ أنَّ المُشْتَرِىَ قد بَرِئَتْ ذِمَّتُه من حَقِّ شَرِيكِه، وإنَّما أخَذَ منه ظُلْمًا، فلا يَرْجِعُ بما ظَلَمَه هذا على غيرِه. وإن خاصَمَ المُشْتَرِى شَرِيكَ البائِعِ، فادَّعَى عليه أنَّه قَبَضَ الثَّمَنَ منه، فكانت له بَيِّنَةٌ، حُكِمَ (٢٢) بها. وتُقْبَلُ شَهَادَةُ البائِعِ له إذا كان عَدْلًا؛ لأنَّه لا يَجُرُّ إلى نَفْسِه نَفْعًا، ولا يَدْفَعُ عنها ضَرَرًا؛ لأنَّه إذا ثَبَتَ


(١٩) سقط من: أ.
(٢٠) في ب، م: "أمين".
(٢١) سقط من: ب.
(٢٢) في ازيادة: "له".

<<  <  ج: ص:  >  >>