للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كِتابُ العَارِيَّةِ] (١)

٨٦١ - مسألة؛ قال: (وَالْعَارِيَّةُ مَضْمُونَةٌ، وإنْ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهَا المُسْتَعِيرُ)

العَارِيَّةُ: إِبَاحَةُ الانْتِفَاعِ بِعَيْنٍ من أَعْيَانِ المالِ. مُشْتَقَّةٌ (٢) مِن عَارَ الشئُ: إذا ذَهَبَ وجَاءَ. ومنه قِيلَ للبَطَّالِ: عَيَّارٌ؛ لِتَرَدُّدِه في بَطَالَتِه، والعَرَبُ تقولُ: أعَارَهُ، وعَارَهُ. مثل أطَاعَهُ، وطَاعَهُ. والأَصْلُ فيها الكِتَابُ والسُّنَّةُ والإِجْمَاعُ؛ أمَّا الكِتَابُ فقولُ اللهِ تعالى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} (٣). رُوِىَ عن ابنِ عَبَّاسٍ وابنِ مَسْعُودٍ أنَّهما قالا: العَوَارِىّ. وفَسَّرَها ابنُ مَسْعُودٍ، فقال: القِدْرُ والمِيزَانُ والدَّلْوُ. وأمَّا السُّنَّةُ، فما رُوِىَ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال في خُطْبَةِ عَامِ حَجَّةِ الوَدَاعِ: "العَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ، والدَّيْنُ مَقْضِىٌّ، والمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ، والزَّعِيمُ غَارِمٌ". أخْرَجَهُ التِّرْمِذِىُّ (٤)، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. ورَوَى صَفْوَانُ بن أُمَيَّةَ، أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- اسْتَعَارَ منه أَدْرُعًا يَوْمَ حُنَيْنٍ، فقال: أَغَصْبًا يا محمدُ؟ قال: "بَلْ عَارِيَّة مَضْمُونَةٌ". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (٥). وأَجْمَعَ المسلمون على جَوازِ العارِيَّةِ واسْتِحْبَابِها، ولأنَّه لمَّا جَازَتْ هِبَةُ الأَعْيَانِ، جَازَتْ هِبَة المَنَافِعِ، ولذلك صَحَّتِ الوَصِيَّةُ بِالأَعْيَانِ والمَنَافِعِ جَمِيعا. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ العَارِيَّةَ مَنْدُوبٌ إليها، وليستْ واجِبَةً، في قولِ أكْثَر أهْلِ العِلْمِ، وقيل: هي واجِبَةٌ؛ للآيَةِ، ولما رَوَى أبو هُرَيْرَةَ، أنَّ (٦) النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّى حَقَّها". الحَدِيث.


(١) سقط من: الأصل.
(٢) في أ: "مشتق".
(٣) سورة الماعون ٧.
(٤) تقدم تخريجه في صفحة ٧١.
(٥) في: باب في تضمين العارية، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢٦٥.
كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ٣/ ٤٠١، ٦/ ٤٦٥.
(٦) في م: "عن".

<<  <  ج: ص:  >  >>