للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن قَطَعَ الأقْطَعُ يَدَ مَنْ له يَدَانِ، فعليه القِصاصُ. وإن قُطِعَتْ رِجْلُ الأَقْطَعِ أو يَدُه، فله القِصاصُ أو نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لأنَّ يَدَ الأقْطَعِ لا تقومُ مَقامَ يَدَيْه في الانْتِفاعِ والبَطْشِ، ولا يُجْزِئُ في العِتْقِ عن الكَفَّارَةِ، بخلافِ عَيْنِ الأعْوَرِ، فإنَّها تقومُ مَقامَ عَيْنَيْه جميعا. وقال القاضي: إن كانت المَقْطُوعةُ أوّلًا قُطِعَتْ ظُلْمًا أو قِصاصًا، ففى الباقيةِ نِصْفُ الدِّيَةِ، رِوايةً واحدةً، وإن كانت الأُولَى قُطِعَتْ في سَبِيلِ اللَّه، ففى الثانية رِوايتَان؛ إحداهما، نِصْفُ الدِّيَةِ، والثانية دِيَةٌ كاملةٌ؛ لأنَّه عَطَّلَ مَنافِعَه من العُضْوَيْنِ جملةً، وأمَّا إن قَطَعَ الأقْطعُ يَدَ مَنْ ليس بأقْطَعَ، فإن قُلْنا: إنَّ في يَدِ الأقْطَعِ دِيةً كاملةً. فلا قِصاصَ. وإن قُلْنا: لا تَكْمُلُ فيها الدِّيَةُ. فالقِصاصُ واجبٌ فيها. واللائقُ بالفِقْهِ ما ذكَرْناه أوَّلا، والتَّعْليلُ بتَفْوِيتِ مَنْفَعةِ العُضْوَيْنِ يَنْتَقِضُ بما إذا قُطِعَتِ الأُولَى قِصاصًا، والقياسُ على عَيْنِ الأعْوَرِ غيرُ صحيحٍ؛ لما بينهما من الفَرْقِ. فأمَّا إن قُطِعَتْ أذُنُ مَنْ قد (٢٤) قُطِعَتْ إحْدَى أذُنَيْه، فليس له إلَّا نِصْفُ الدِّيَةِ، روايةً واحدةً. وإن قَطَعَ هو أذُنَ ذِى أُذُنَيْنِ، وَجَبَ عليه القِصاصُ، بغيرِ خلافٍ عَلِمْناه، لا في المَذْهَبِ ولا في غيرِه؛ لأنَّ نَفْعَ كلِّ أذُنٍ لا يتَعَلَّقُ بالأُخْرَى.

فصل: ويُؤْخَذُ الجَفْنُ بالجَفْنِ؛ لقوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (٢٥). ولأنَّه يُمْكِنُ القِصاصُ فيه، لِانْتهائِه إلى مَفْصِلٍ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. ويُؤْخَذُ جَفْنُ البَصِيرِ بجَفْنِ البَصِير والضَّريرِ، وجَفْنُ الضَّرِيرِ بكلِّ واحدٍ منهما؛ لأنَّهما تَساوَيَا في السَّلامةِ من النَّقْصِ، وعَدَمُ البَصَرِ نَقْصٌ في غيرِه، لا (٢٦) يَمْنَعُ أخْذَ أحَدِهما بالآخرِ، كالأذُنِ إذا عُدِمَ السَّمْعُ منها.

١٤٤٩ - مسألة؛ قال: (والسِّنُّ بِالسِّنِّ)


(٢٤) سقط من: ب، م.
(٢٥) سورة المائدة ٤٥.
(٢٦) في م: "لأنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>