للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْمِهَا" (٢٦). ومن الحِيَلِ فى غيرِ الرِّبا، أنَّهم يَتَوَصَّلُونَ إلى بَيْعِ [الشَّىْءِ المَنْهِىِّ] (٢٧) عنه، أن يَسْتَأْجِرَ بَياضَ أَرْضِ البُسْتانِ بأَمْثالِ أُجْرَتِه، ثم يُساقيهِ على ثَمَرِ شَجَرِه بِجُزْءٍ من أَلْفِ جُزْءٍ لِلْمالِكِ، وتِسْعُمائةٍ وتِسْعَةٌ وتِسْعونَ لِلْعامِلِ، ولا يَأْخُذُ منه المالِكُ شَيْئًا، ولا يُريدُ ذلك، وإنَّما قَصَدَ بَيْعَ الثَّمَرَةِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها بما سَمَّاهُ أُجْرَةً، والعَامِلُ لا يَقْصِدُ أيضًا سِوَى ذلك، وربَّما لا يَنْتَفِعُ بالأَرْضِ التى سَمَّى الأُجْرَةَ فى مُقابَلَتِها، ومتى لم يَخْرُجِ الثَّمَرُ، أو أصَابَتْهُ جائِحَةٌ، جاءَ المُسْتَأْجِرُ يَطْلُبُ الجائِحَةَ، ويَعْتَقِدُ أنَّه إنَّما بَذَلَ مَالَهُ فى مُقابَلَةِ الثَّمَرَةِ لا غير، وَرَبُّ الأَرْضِ يَعْلَمُ ذلك.

فصل: ولو اشْتَرَى شَيْئًا بمُكَسَّرَةٍ، لم يَجُزْ أن يُعْطِيَهُ صَحيحًا أَقَلَّ منها. قال أحمدُ: هذا هو الرِّبا المَحْضُ؛ وذلك لأنَّه يَأْخُذُ عِوَضَ الفِضَّةِ أقَلَّ منها، فيَحْصُلُ التَّفَاضُلُ بينهما. ولو اشْتَراهُ بِصَحيحٍ، لم يَجُزْ أن يُعْطِيَهُ مُكَسَّرَةً أكْثَرَ منها كذلك. فإن تَفاسَخا البَيْعَ، ثم عَقَدا بالصِّحاحِ، أو بالمُكَسَّرَةِ، جازَ. ولو اشْتَرَى ثَوْبًا بِنِصْفِ دينارٍ، لَزِمَهُ نِصْفُ دينارٍ شِقٌّ، فإن عادَ فاشْتَرَى شَيْئًا آخَرَ بنِصْفٍ آخَرَ، لَزِمَهُ نِصْفٌ شِقٌّ أيضًا، فإن وَفَّاهُ دينارًا صَحِيحًا، بَطَلَ العَقْدُ الثانى؛ لأنَّه تَضَمَّنَ اشْتِراطَ زِيادَةِ ثَمَنِ العَقْدِ الأَوَّلِ، وإن كانَ ذلك قبلَ لُزومِ العَقْدِ الأَوَّلِ، بَطَلَ أيضًا؛ لأنَّه وُجِدَ ما يُفْسِدُه قبل انْبِرامِه. وإن كان بعد تَفَرُّقِهِما ولُزومِهِ (٢٨)، لم يُؤَثِّرْ ذلك فيه، ولا يَلْزَمُه أكْثَرُ من ثَمَنِه الذى عَقَدَ البَيْعَ به. ومذهبُ الشَّافِعِىِّ فى هذا كما ذَكَرْنا.

فصل: إذا كان له عند رَجُلٍ دِينارٌ وَدِيعَةً، فصارَفَه به، وهو مَعْلُومٌ بَقاؤُهُ،


(٢٦) أخرجه البخارى تعليقا، فى: باب ما جاء فى من يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه، من كتاب الأشربة. صحيح البخارى ٧/ ١٣٨. وأبو داود، فى: باب فى الدَّاذِىِّ، من كتاب الأشربة. سنن أبى داود ٢/ ٢٩٥. وابن ماجه، فى: باب الخمر يسمونها بغير اسمها، من كتاب الأشربة، وباب العقوبات، من كتاب الفتن. سنن ابن ماجه ٢/ ١١٢٣، ١٣٣٣. والإِمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٢٣٧، ٥/ ٣١٨، ٣٤٢.
(٢٧) فى الأصل: "السنين". وما بعده ساقط إلى قوله: "ثمر شجره" الآتى.
(٢٨) فى م: "فلزومه".

<<  <  ج: ص:  >  >>