للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّجُوعُ لِعُذْرٍ، فهو كالبَعِيدِ. ولو لم يَرْجِعِ القَرِيبُ الذى يُمْكِنُه الرُّجُوعُ، لم يَكُنْ عليه أَكْثَرُ من دَمٍ. ولا فَرْقَ بين (٤) مَن تَرَكَه عَمْدًا أو خَطَأً، لِعُذْرٍ أو غيرِهِ؛ لأنَّه من وَاجِبَاتِ الحَجِّ، فاسْتَوَى عَمْدُه وخَطَؤُه، والمَعْذُورُ وغيرُه، كسَائِرِ وَاجِبَاتِه. فإن رَجَعَ البَعِيدُ، فطافَ لِلْوَدَاعِ، فقال القاضى: لا يَسْقُطُ عنه الدَّمُ؛ لأنَّه قد اسْتَقَرَّ عليه الدَّمُ بِبُلُوغِه مَسَافَةَ القَصْرِ، فلم تَسْقُطْ بِرُجُوعِه، كمَنْ تَجَاوَزَ المِيقاتَ غيرَ مُحْرِمٍ، فأَحْرَمَ دُونَهُ، ثمَّ رَجَعَ إليه. وإن رَجَعَ القَرِيبُ، فطافَ، فلا دَمَ عليه، سَواءٌ كان مِمَّنْ له عُذْرٌ يُسْقِطُ عنه الرُّجُوعَ أوْ لا؛ لأنَّ الدَّمَ لم يَسْتَقِرَّ عليه، لِكَوْنِه فى حُكْمِ الحَاضِرِ. ويَحْتَمِلُ سُقُوطَ الدَّمِ عن البَعِيدِ بِرُجُوعِه؛ لأَنَّه وَاجِبٌ أَتَى به، فلم يَجِبْ عليه بَدَلُه، كالقَرِيبِ.

فصل: إذا رَجَعَ البَعِيدُ، فيَنْبَغِى أن لا يجوزَ له تَجَاوُزُ المِيقَاتِ، إن كان جَاوَزَهُ، إلَّا مُحْرِمًا؛ لأنَّه ليس من أهْلِ الأعْذَارِ، فيَلْزَمُه طَوافٌ لإحْرَامِه بِالعُمْرَةِ والسَّعْىِ، وطَوَافٌ لِوَدَاعِه، وفى سُقُوطِ الدَّمِ عنه ما ذَكَرْنَا من الخِلَافِ. وإن كان (٥) دونَ المِيقَاتِ، أحْرَمَ من مَوْضِعِه. فأَمَّا أن رَجَعَ القَرِيبُ، فظَاهِرُ قَوْلِ من ذَكَرْنَا قولَه، أَنَّه لا يَلْزَمُه إحْرَامٌ؛ لأنَّه رَجَعَ لإِتْمَامِ نُسُكٍ مَأْمُورٍ به، فأَشْبَه مَن رَجَعَ لِطَوافِ الزِّيَارَةِ. [فأمَّا إنْ] (٦) وَدَّعَ وخَرَجَ، ثمَّ دَخَلَ مكَّةَ لحاجَةٍ، فقال أحمدُ: أحَبُّ إلىَّ ألَّا يَدْخُلَ إلَّا مُحْرِمًا، وأحَبُّ إليَّ (٧) إذا خَرَجَ أن يُوَدِّعَ البَيْتَ بِالطَّوَافِ. وهذا لأنَّه لم يَدْخُلْ لإِتْمَامِ النُّسُكِ، إنَّما دَخَلَ لحَاجَةٍ غيرِ مُتَكَرِّرَةٍ، فأَشْبَهَ مَن يَدْخُلُها لِلإِقامَةِ بها.


(٤) سقط من: أ، ب، م.
(٥) فى الأصل زيادة: "من".
(٦) فى أ: "فأما من". وفى ب، م: "فإن".
(٧) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>