للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسْخِه، ثم لو كان مُبْطِلًا لحَقِّها، لم يَقَعْ وإن لم تَخْتَرِ الفَسْخَ، كما لم يَصِحَّ تَصَرُّفُ المُشْتَرِى فى المَبِيعِ فى مُدَّةِ الخِيارِ، سواءٌ فَسَخَ البائعُ أو لم يَفسَخْ. وهذا فيما إذا كان الطَّلاقُ بائِنًا، فإن كان رَجْعِيًّا، لم يَسْقُطْ خِيارُها، على ما ذكَرْنا فى الفصلِ الذى (١٨) قبلَ هذا، فعلى قَوْلِهِم: إذا طَلَّقَها (١٩) قبلَ الدُّخولِ، ثم اخْتارتِ الفَسْخَ، سَقَطَ مَهْرُها؛ لأنَّها بانَتْ بالفَسْخِ، وإن لم يَفْسَخْ، فلها نِصْفُ الصَّداقِ؛ لأنَّها بانَتْ بالطَّلاقِ. [وهكذا لو ارْتَدَّتْ أو أسْلَمتِ الكافرةُ] (٢٠).

فصل: وللمُعْتَقَةِ الفَسْخُ من غيرِ حُكْمِ حاكمٍ؛ لأنَّه مُجْمَعٌ عليه، غيرُ مُجْتَهَدٍ فيه، فلم يَفْتَقِرْ إلى حاكمٍ، كالرَّدِّ بالعَيْبِ فى المَبِيعِ، بخلافِ [خِيَارِ العَيْبِ] (٢١) فى النِّكاحِ، فإنَّه مُجْتَهَدٌ فيه، فافْتَقَرَ إلى حُكْمِ الحاكمِ، كالفَسْخِ للإِعْسارِ.

فصل: وإذا اخْتارتِ المُعْتَقةُ الفِراقَ، كان فَسْخًا [ليس بطَلاقٍ] (٢٢). وبهذا قال أبو حنيفةَ، والثَّوْرِىُّ، والحسنُ ابن حَىٍّ، والشافعىُّ. وذَهَبَ مالكٌ، والأوْزَاعىُّ، واللَّيْثُ، إلى أنَّه طَلَاقٌ بائِنٌ. قال مالكٌ: إلَّا أن تُطَلِّقَ نَفْسَها ثلاثًا، فَتَطْلُقَ ثَلاثًا. واحْتَجَّ له بقِصّةِ زَبْرَاءَ حين طَلَّقَتْ نَفْسَها ثلاثًا (٢٣)، فلم يَبْلُغْنا أَنَّ أحدًا من الصَّحابةِ أنْكَرَ ذلك، ولأنَّها تَملِكُ الفِراقَ، فمَلكتِ الطَّلاقَ كالرَّجُلِ. ولَنا، قولُه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بالسَّاقِ" (٢٤). ولأنَّها فُرْقةٌ من قِبَلِ الزَّوْجةِ، فكانت فَسْخًا، كما لو اخْتَلَفَ دِينُهُما، أو أَرْضَعَت مَنْ يُفسَخُ نِكاحُها برَضاعِه، وفِعْلُ زَبْراءَ ليس بحُجَّةٍ، ولم يَثْبُت انْتِشارُه فى الصَّحابةِ. فعلى هذا، لو قالتْ: اخْتَرْتُ نَفْسِى، أو فَسَخْتُ


(١٨) سقط من: ب.
(١٩) فى الأصل: "طلقت".
(٢٠) سقط من: أ، ب، م.
(٢١) فى م: "الفسخ".
(٢٢) فى أ: "بلا طلاق".
(٢٣) تقدم تخريجها فى صفحة ٧٢.
(٢٤) تقدم تخريجه فى: ٩/ ٤٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>