للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّبِىَّ والمجنونَ. ولَنا، أنَّها تُحَدُّ في السَّرِقَةِ، فيَلْزَمُها حكمُ المُحارَبَةِ كالرَّجُلِ، وتُخالِفُ الصُّبِىَّ والمجنونَ، ولأنَّها مُكلَّفَةٌ يَلْزَمُها القِصَاصُ وسائرُ الحدودِ، فلَزِمَها هذا الحَدُّ، كالرَّجُلِ. إذا ثبتَ هذا، فإنَّها إن باشَرتِ القتلَ، أو أخذَ المالِ، ثبتَ حُكْمُ المُحاربةِ في حَقِّ مَن مَعها؛ لأنَّهم رِدْءٌ لها. وإن فعلَ ذلك غيرُها، ثَبَتَ حُكْمُه في حَقِّها؛ لأنَّها رِدْءٌ له، كالرَّجلِ سَواءً. وإن قطَعَ أهلُ الذِّمَّةِ الطريقَ، أوكان مع المُحاربين المسلمين ذِمِّىٌّ، فهل يَنْتقِضُ عَهْدُهم بذلك؟ فيه رِوَايتان؛ فإن قُلْنا: ينتقِضُ عَهْدُهم. حَلَّتْ دِماؤُهم وأمْوالُهم بكلِّ حالٍ. وإن قُلْنا: لا ينْتَقِضُ عَهْدُهم. حَكَمْنَا عليهم بما نَحْكُمُ على المسلمين.

فصل: وإذا أخذ المُحاربون المالَ، وأُقِيمتْ فيهم حدودُ اللَّه تعالى، فإن كانتِ الأمْوالُ موجودةً، رُدَّتْ إلى مالكِها، وإن كانتْ تالفةً أو مَعْدُومةً، وجبَ ضَمانُها على آخِذِها. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ. ومُقْتضَى قولِ أصْحابِ الرَّأْىِ، أنَّها إن كانت تالِفَةً، لم يَلْزَمْهم غَرامتُها، كقولِهم في المسْروقِ إذا قُطِعَ السَّارقُ. وَوَجْهُ المذهَبَيْن ما تقدم في السَّرِقَةِ. ويجبُ الضَّمانُ على الآخِذِ دُونَ الرِّدْءِ؛ لأنَّ وُجوبَ (٢٠) الضَّمانِ ليس بحَدٍّ، فلا يتعلَّقُ بغيرِ المُباشرِ له، كالغَصْبِ والنَّهْبِ، ولو تاب المُحاربون قبلَ القدرةِ عليهم، وتعلَّقتْ بهم حقوقُ الآدَميِّين؛ من القِصاصِ والضمانِ، لَاخْتَصَّ ذلك بالمُباشرِ دونَ الرِّدْء لذلك، ولو وجَبَ الضَّمانُ في السَّرِقَةِ، لَتعلَّقَ بالمُباشرِ دُونَ الرِّدْءِ؛ لما ذكرْنا. واللهُ أعلمُ.

فصل: إذا اجْتَمعتِ الحدودُ، لم تخْلُ من ثلاثةِ أقسامٍ؛ القسمُ الأوَّل، أن تكونَ خالِصَةً للهِ تعالى، فهى نَوْعان؛ أحدهما، أن يكونَ فيها قتلٌ (٢١)، مثلَ أن يسْرِقَ، ويزْنِىَ (٢٢) وهو مُحْصَنٌ، ويشْربَ الخمرَ، ويقْتُلَ في المُحارَبَةِ، فهذا يُقْتَلُ، ويسْقُطُ


(٢٠) في ب، م: "وجود".
(٢١) سقط من: ب.
(٢٢) في ب: "أو يزنى".

<<  <  ج: ص:  >  >>