للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيَنْزِلَ (٨٤) فيها مَاءُ المَطَرِ عن دَارِه، أو لِيَسْتَقِىَ منها مَاءً لِنَفْسِه، أو حَفَرَها لِلسَّبِيلِ ونَفْعِ الطَّرِيقِ. وكذلك إن فَعَلَ ذلك فى مِلْكِ إنْسَانٍ مُعَيَّنٍ.

فصل: ولا يَجُوزُ إخْرَاجُ المَيَازِيبِ إلى الطَّرِيقِ الأَعْظَمِ. ولا يجوزُ إخْرَاجُها إلى دَرْبٍ نَافِذٍ إلَّا بإِذْنِ أهْلِه. وقال أبو حنيفةَ، ومَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ: يجوزُ إخْرَاجُه إلى الطَّرِيقِ الأَعْظَمِ؛ لأنَّ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّه عنه، اجْتَازَ على دارِ العَبَّاسِ وقد نَصَبَ مِيزَابًا علي (٨٥) الطَّرِيقِ، فقَلَعَهُ، فقال العَبَّاسُ: تَقْلَعُهُ وقد نَصَبَهُ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِه؟ فقال: واللهِ لا نَصَبْتَه إلَّا على ظَهْرِى، وانْحَنَى حتى صَعَدَ على ظَهْرِه، فنَصَبَهُ (٨٦). وما فَعَلَهُ رسولُ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلغيرِه فِعْلُه، ما لم يَقُمْ دَلِيلٌ على اخْتِصَاصِه به. ولأنَّ الحاجَةَ تَدْعُو إلى ذلك، ولا يمكنُه رَدُّ مائِه إلى الدَّارِ. ولأنَّ الناسَ يَعْمَلُونَ ذلك في جَمِيعِ بِلَادِ الإِسْلَامِ من غيرِ نَكِيرٍ. ولَنا، أنَّ هذا تَصَرُّفٌ فى هَوَاءٍ مُشْتَرَكٍ بينَه وبين غيرِه بغيرِ إِذْنِه، فلم يَجُزْ، كما لو كان الطَّرِيقُ غيرَ نَافِذٍ، ولأنَّه يَضُرُّ بالطَّرِيقِ وأهْلِها، فلم يَجُزْ، كَبنَاءِ دَكَّةٍ فيها أو جَنَاحٍ يَضُرُّ بأَهْلِها، ولا يَخْفَى ما فيه من الضَّرَر، فإنَّ مَاءَهُ يَقَعُ على المَارَّةِ، وربما جَرَىَ فيه البَوْلُ أو ماءٌ نَجِسٌ فَيُنَجِّسُهُمْ، ويُزَلِّقُ الطَّرِيقَ، ويَجْعَلُ فيها الطِّينَ، والحَدِيثُ قَضِيَّةٌ فى عَيْنٍ، فيَحْتَمِلُ أنَّه كان فى دَرْبٍ غيرِ نَافِذٍ، أو تَجَدَّدَتِ الطَّرِيقُ بعدَ نَصْبِه، ويَحْتَمِلُ أن يجوزَ ذلك؛ لأنَّ الحاجَةَ دَاعِيَةٌ إليه، والعَادَةَ جَارِيَةٌ به، مع ما فيه من الخَبَرِ المَذْكُورِ.

فصل: ولا يجوزُ أن يَفْتَحَ فى الحائِطِ المُشْتَرَكِ طَاقًا ولا بَابًا، إلَّا بإِذْنِ شَرِيكِه؛ لأنَّ ذلك انْتِفَاعٌ بِمِلْكِ غيره، وتَصَرُّفٌ فيه بما يَضُرُّ به. ولا يجوزُ أن يَغْرِزَ فيه وَتِدًا، ولا يُحْدِثَ عليه حَائِطًا ولا يَسْتُرَه، ولا يَتَصَرَّفَ فيه نَوْعَ تَصَرُّفٍ؛ لأنَّه تَصَرُّفٌ فى الحائِطِ


(٨٤) فى م: "فينزل".
(٨٥) فى أ، م: "إلى".
(٨٦) أخرجه البيهقى، فى: باب نصب الميزاب وإشراع الجناح، من كتاب الصلح. السنن الكبرى ٦/ ٦٦. والحاكم، فى: باب محاكمة العباس. . .، من كتاب معرفة الصحابة. المستدرك ٣/ ٣٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>