فصل: فأمَّا الحَيَوانُ، إذا أَنْفَقَ عليه مُتَبَرِّعًا، لم يَرْجِعْ بشىءٍ؛ لأنَّه تَصَدَّقَ به، فلم يَرْجِعْ بِعِوَضِه، كما لو تَصَدَّقَ على مِسْكِينٍ. وإن نَوَى الرُّجُوعَ على مَالِكِه، وكان ذلك بإذْنِ المالِكِ، رَجَعَ عليه؛ لأنَّه نَابَ عنه فى الإِنْفَاقِ بإِذْنِه، فكانتِ النَّفَقَةُ على المالِكِ، كما لو وَكَّلَهُ فى ذلك، وإن كان بغيرِ إِذْنِه، فهل يَرْجِعُ عليه؟ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ، بنَاءً على ما إذا قَضَى دَيْنَه بغيرِ إِذْنِه؛ لأنَّه نَابَ عنه فيما يَلْزَمُه. وقال أبو الخَطَّابِ: إن قَدَرَ على اسْتِئْذَانِه فلم يَسْتَأْذِنْهُ، فهو مُتَبَرِّعٌ، لا يَرْجِعُ بشىءٍ، وإن عَجَزَ عن اسْتِئْذَانِه، فعلى رِوَايَتَيْنِ، وكذلك الحُكْمُ فيما إذا مَاتَ العَبْدُ المَرْهُونُ فكَفَنَه. والأوَّلُ أقْيَسُ فى المَذْهَبِ؛ إذْ لا يُعْتَبَرُ فى قَضَاءِ الدَّيْنِ العَجْزُ عن اسْتِئْذَانِ الغَرِيمِ.
فصل: وإذا انْتَفَعَ المُرْتَهِنُ بالرَّهْنِ، بِاسْتِخْدَامٍ، أو رُكُوبٍ، أو لُبْسٍ، أو اسْتِرْضَاعٍ، أو اسْتِغْلَالٍ، أو سُكْنَى، أو غيرِه، حُسِبَ من دَيْنِه بِقَدْرِ ذلك. قال أحمدُ: يُوضَعُ عن الرَّاهِنِ بِقَدْرِ ذلك؛ لأنَّ المَنَافِعَ مِلْكُ الرَّاهِنِ، فإذا اسْتَوْفَاهَا فعليه قِيمَتُها فى ذِمَّتِه لِلرَّاهِنِ، فيَتَقاصُّ القِيمَةَ وقَدْرَها من الدَّيْنِ، ويَتَسَاقَطَانِ.
أرَادَ بِغَلَّةِ الدَّارِ أَجْرَهَا. وكذلك خِدْمَة العَبْدِ. وجُمْلَةُ ذلك أنَّ نَمَاءَ الرَّهْنِ جَمِيعَه وغَلَّاتَهُ تكونُ رَهْنًا فى يَدِ مَن الرَّهْنُ فى يَدِه، كالأصْلِ. وإذا احْتِيجَ إلى بَيْعِه فى وَفَاءِ الدَّيْنِ، بِيعَ مع الأَصْلِ، سَواءٌ فى ذلك المُتَّصِلُ، كالسِّمَنِ والتَّعَلُّمِ، والمُنْفَصِلُ كالكَسْبِ والأُجْرَةِ والوَلَدِ والثَّمَرةِ واللَّبَنِ والصُّوفِ والشَّعْرِ. وبنحو هذا قال النَّخَعِىُّ، والشَّعْبِىُّ. وقال الثَّوْرِىُّ، وأصْحَابُ الرَّأْىِ: فى النَّمَاءِ يَتْبَعُ، وفى الكَسْبِ لا يَتْبَعُ؛ لأنَّ الكَسْبَ فى حُكْمِ الكِتَابَةِ والاسْتِيلَادِ والتَّدْبِيرِ، فلا يَتْبَعُ فى الرَّهْنِ، كأعْيَانِ مالِ الرَّاهِنِ. وقال مَالِكٌ: يَتْبَعُ الوَلَدُ فى الرَّهْنِ خاصَّةً، دونَ سَائِر النَّماءِ؛ لأنَّ الوَلَدَ يَتْبَعُ الأَصْلَ فى الحُقُوقِ الثَّابِتَةِ، كوَلَدِ أُمِّ الوَلَدِ. وقال الشَّافِعِىُّ،