للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا لأنَّه إذا وَطِئها سَيِّدُها اليومَ، ثم زَوَّجَها (٥)، فوَطِئَها الزَّوْجُ في آخِرِ اليومِ، أفْضَى إلى اخْتلاطِ المِيَاهِ، وامْتِزاجِ الأنْسابِ، وهذا لا يَحِلُّ، ويخالفُ البَيْعَ؛ فإنَّها لا تَصِيرُ به فِراشًا، ولا يَحِلُّ لمُشْتَرِيها وَطْؤُهَا حتى يَسْتَبْرِئَها، فلا يُفْضِى إلى اخْتِلاطِ المِيَاهِ، ولهذا يَصِحُّ في المُعْتدَّةِ والمُتَزَوِّجةِ (٦)، بخلافِ التَّزْوِيجِ.

فصل: فإن لم تكُنْ من ذَواتِ القُرُوءِ، فاسْتِبْراؤُها بما ذكرْنا في أُمِّ الوَلَدِ، على ما شَرَحْنا. ومفهومُ كلامِ الْخِرَقِىِّ، أنَّها إذا كانت أمَةً لا يَطَؤُها سَيِّدُها، لم يَلْزَمْها استبراءٌ؛ لأنَّها ليست فِراشًا لسيِّدِها، فلم يَلْزَمْها الاسْتِبْراءُ، كالمُزَوَّجةِ والمُعْتَدَّةِ، ولأنَّ تَرْكَها بالاسْتِبْراءِ (٧) لا يُفْضِى إلى اخْتلاطِ المِيَاهِ، وامْتِزاجِ الأنْسابِ، بخلافِ المَوْطُوءةِ.

فصل: وإن مات عن أمَةٍ كان يُصِيبُها، فاسْتِبْراؤُها بما ذكرْنا في أُمِّ الوَلَدِ؛ لأنَّها فِراشٌ لسَيِّدِها، فأشْبهَتْ أُمَّ الولدِ، إلَّا أنَّها إن (٨) كانت من ذَواتِ القُرُوءِ، فاسْتِبْراؤُها بحَيْضةٍ واحدةٍ، روايةً واحدةً؛ لأنَّها لا تَصِيرُ حُرّةً.

فصل: وإن أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِه، أو أَمَتَه التي كان يُصِيبُها، أو غيرَها ممَّنَ تَحِلُّ له إصابَتُها، فله أن يتَزَوَّجَها في الحالِ، من غيرِ اسْتِبْراءٍ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أعْتَقَ صَفِيَّةَ، وتزَوَّجَها، وجَعَلَ عِتْقَها صَدَاقَهَا (٩). وقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثَلاثةٌ يُوَفَّوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ؛ رَجُلٌ كَانَتْ له أمَةٌ، فأدَّبَهَا فأحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وعَلَّمها فأحْسَنَ تَعْلِيمَها، ثم أعْتَقَهَا وتزَوَّجَها" (١٠). ولم يذكر


(٥) في ب: "تزوجها".
(٦) في ب، م: "والمزوجة".
(٧) في ب: "للاستبراء".
(٨) في ب، م: "إذا".
(٩) تقدم تخريجه، في: ٩/ ٣٤٨.
(١٠) تقدم تخريجه، في: ٩/ ٣٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>