للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أمَرَ الوَاطِئَ فى رمضانَ أن يُعْتِقَ رَقَبَةً. ولم يَأْمُرْ فى المَرْأَةِ بِشىءٍ، مع عِلْمِه بِوُجُودِ ذلك منها، ولأنَّه حَقُّ مَالٍ يَتَعَلَّقُ بالوَطْءِ من بَيْنِ جِنْسِه، فكان على الرَّجُلِ كالمَهْرِ.

فصل: وإن أُكْرِهَتِ المَرْأَةُ على الجِماعِ، فلا كَفَّارَةَ عليها، رِوَايَةً واحِدَةً، وعليها القَضَاءُ. قال مُهَنَّا: سألتُ أحمدَ عن امْرَأَةٍ غَصَبَها رَجُلٌ نَفْسَها، فجامَعَها، أعليها القَضاءُ؟ قال: نعم. قلتُ: وعليها كَفَّارَةٌ؟ قال: لا. وهذا قولُ الحسنِ. ونحوُ ذلك قولُ الثَّوْرِىِّ، والأوْزاعِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وعلى قِياسِ ذلك، إذا وَطِئَها نائِمَةً. وقال مالِكٌ فى النَّائِمَةِ: عليها القَضاءُ بلا كَفَّارَةٍ، والمُكْرَهَةُ عليها القَضاءُ والكَفَّارَةُ. وقال الشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ: إن كان الإِكْرَاهُ بِوَعِيدٍ حتى فعلَتْ، كقَوْلِنا (١٠). وإن كان إلْجاءً لم تُفْطِرْ. وكذلك إن وَطِئَها وهى (١١) نَائِمَةٌ. ويُخَرَّجُ من قَوْلِ أحمَدَ -فى رِوَايَةِ ابنِ القَاسِمِ-: كلُّ أمْرٍ غُلِبَ عليه الصَّائِمُ، ليسَ عليه قَضاءٌ ولا غيرُه. أنَّه لا قَضَاءَ عليها إذا كانت مُلْجَأةً أو نَائِمَةً؛ لأنَّها لم يُوجَدْ منها فِعْلٌ، فلم تُفْطِرْ، كما لو صَبَّ فى حَلْقِها ماءً بغير اخْتِيَارِها. وَوَجْهُ الأوَّلِ، أنَّه جِمَاعٌ فى الفَرْجِ، فأفْسَدَ الصَّوْمَ، كما لو أكْرِهَتْ بالوَعِيدِ، ولأنَّ الصَّوْمَ عِبادَةٌ يُفْسِدُها الوَطْءُ، ففسَدَت به على كلِّ حَالٍ، كالصلاةِ والحَجِّ. ويُفَارِقُ الأَكْلَ، فإنَّه يُعْذَرُ فيه بالنِّسْيانِ، بخِلافِ الجِماعِ.

فصل: فإن تَسَاحَقَتِ امْرَأتَانِ، فلم يُنْزِلَا، فلا شىءَ عليهما. وإن أَنْزَلَتَا، فَسَدَ صَوْمُهما. وهل يكونُ حُكْمُهُما حُكْمَ المُجَامِعِ دون الفَرْجِ إذا أنْزَلَ، أو لا يَلْزَمُهما كَفَّارَةٌ بحالٍ؟ فيه وَجْهَانِ، مَبْنِيَّانِ على أن الجِماعَ من المَرْأَةِ هل يُوجِبُ الكَفَّارَةَ؟ على رِوَايَتَيْنِ، وأصَحُّ الوَجْهَيْنِ، أنَّهما لا كَفَّارَةَ عليهما؛ لأنَّ ذلك ليس


(١٠) فى م: "فكقولنا".
(١١) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>