للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَقَارَ. وقال الشَّافِعِيُّ: كلُّ مَبيعٍ من ضَمانِ البائِعِ حتَّى يَقْبِضَهُ المُشْتَرِى. وحَكَى أبو الخَطَّابِ عن أحمدَ رِوايَةً أخرى كقولِه؛ لأنَّ ابنَ عبَّاسٍ قال: أرَى كلَّ شيْءٍ بمَنْزِلَةِ الطَّعامِ. ولأنَّ التَّسْليمَ واجِبٌ على البائِعِ؛ لأنَّه فى يَدِهِ، فإذا تَعَذَّرَ بتَلَفِه، انْفَسَخَ العَقْدُ، كالمَكيلِ، والمَوْزونِ، والمَعْدودِ. ولنا، قولُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الخَرَاجُ بالضَّمَانِ" (٢). وهذا المَبيعُ نَماؤُه لِلمُشْتَرِى، فَضمانُه عليه. وقولُ ابنِ عمرَ: مَضَتِ السُّنَّةُ أنَّ ما أدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا فهو من مالِ المُبْتَاعِ (٣). ولأنَّه لا يَتَعَلَّقُ به حَقُّ تَوْفِيَةٍ، وهو من ضَمانِهِ [بعدَ القَبْضِ] (٤)، فكان من ضَمانِه قبلَه، كالمِيراثِ. وتَخْصيصُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الطَّعامَ بالنَّهْىِ عن بَيْعِه قبل قَبْضِه دَليلٌ على مُخالَفَةِ غيرِه له.

فصل: والمَبيعُ بِصِفَةٍ، أو رُؤُيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، من ضَمانِ البائِعِ حتَّى يَقْبِضَهُ المُبْتاعُ؛ لأنَّه يَتَعَلَّقُ به حقُّ (٥) تَوْفِيَةٍ، فجَرَى مَجْرَى المَكيلِ، والمَوْزونِ. قال أحمدُ: لو اشْتَرَى من رَجُلٍ عَبْدًا بِعَيْنِه، فماتَ فى يَدِ البائِعِ، فهو من مالِ المُشْتَرِى، إلَّا أن يَطْلُبَه، فيَمْنَعَه البائِعُ، فهو ضامِنٌ لِقيمَتِه حين عَطِبَ. ولو حَبَسَهُ بِبَقِيَّةِ الثَّمنِ، فهو غاصِبٌ، ولا يكونُ رَهْنًا، إلَّا أن يكونَ قد اشْتَرَطَ عليه فى نَفْسِ البَيْعِ (٦) الرَّهْنَ.

فصل: وقَبْضُ كلِّ شيْءٍ بِحَسَبِهِ، فإن كان مَكيلًا، أو مَوْزونًا، بيعَ كَيْلًا، أو وَزْنًا، فقَبْضُه بِكَيْلِه وَوَزْنِه. وبهذا قال الشَّافِعِيُّ، وقال أبو حنيفةَ: التَّخْلِيَةُ فى ذلك قَبْضٌ. وقد رَوَى أبو الخَطَّابِ عن أحْمَدَ رِوايَةً أخرى، أنَّ القَبْضَ فى كلِّ


(٢) تقدَّم تخريجه فى صفحة ٢٣.
(٣) تقدَّم تخريجه فى صفحة ١٨١.
(٤) فى م: "قبل قبضه".
(٥) فى م: "حتَّى".
(٦) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>