للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتابُ الوُقُوفِ والعَطَايَا

والوُقُوفُ: جَمْعُ وَقْفٍ، يُقال منه: وَقَفْتُ وَقْفًا. ولا يقال: أَوْقَفْتُ. إلَّا في شَاذِّ اللُّغَةِ، ويقال: حَبَّسْتُ وأَحْبَسْتُ. وبه جاء الحَدِيثُ: "إنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَها وتَصَدَّقْتَ بهَا" (١). والعَطَايَا: جَمْعُ عَطِيّةٍ، مثل خَلِيَّةٍ وخَلَايَا، وبَلِيّةٍ وبَلَايَا. والوَقْفُ مُسْتَحَبٌّ. ومَعْناه: تَحْبِيسُ الأَصْلِ، وتَسْبِيلُ الثَّمَرةِ. والأصل فيه ما رَوَى عبدُ اللَّه بن عمَرَ، قال: أصَابَ عمرُ أرْضًا بِخيْبَرَ فأَتَى النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَسْتَأْمِرُه فيها فقال: يا رَسُولَ اللَّه، إنِّي أَصَبْتُ أرْضًا بِخَيْبَرَ، لم أُصِبْ قَطُّ مالًا أنْفَسَ عِنْدِى منه، فما تَأْمُرُنِى فيها؟ فقال: "إنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أصْلَهَا، وتَصَدَّقْتَ بِها، غَيْرَ أنَّه لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا، ولا يُبْتَاعُ، ولَا يُوهَبُ، ولا يُورَثُ". قال: فتَصَدَّقَ بها عمرُ في الفُقَراءِ، وذَوِى القُرْبَى، والرِّقَابِ، وابنِ السَّبِيلِ، والضِّيْفِ، لا جُنَاحَ على مَن وَلِيهَا أن يَأْكُلَ منها، أو يُطْعِمَ صَدِيقًا بالمَعْرُوفِ، غيرَ مُتَأَثِّلٍ فيه، أو غير مُتَمَوِّلٍ فيه. مُتَّفَقٌ عليه (٢). ورُوِى عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ، انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ بَعْدِه، أو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ" (٣). قال


(١) من الحديث الآتى تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري، في: باب الشروط في الوقف، من كتاب الشروط، وفى: باب ما للوصى أن يعمل في مال اليتيم. . ., وباب الوقف كيف يكتب، من كتاب الوصايا. صحيح البخاري ٣/ ٢٦٠، ٤/ ١١، ١٢، ١٤. ومسلم، في: باب الوقف، من كتاب الوصية. صحيح مسلم ٣/ ١٢٥٥، ١٢٥٦.
كما أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في الرجل ووقف الوقف، من كتاب الوصايا سنن أبي داود ٢/ ١٠٥. والترمذي، في: باب في الوقف، من أبواب الأحكام. عارضة الأحوذى ٦/ ١٤٣. والنسائي، في: باب كيف يكتب الحبس. . ., من كتاب الأحباس. المجتبى ٦/ ١٩١، ١٩٢. وابن ماجه، في: باب من وقف، من كتاب الصدقات. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٠١. والإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ١٢، ١٣، ٥٥، ١٢٥.
(٣) أخرجه مسلم، في: باب ما يلحق الإِنسان من الثواب بعد وفاته، من كتاب الوصية. صحيح مسلم =

<<  <  ج: ص:  >  >>