للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مَكَّةَ لم يَرْمُلْ. وهذا لأنَّ الرَّمَلَ إنَّما شُرِعَ في الأصْلِ لإِظْهَارِ الجَلَدِ والقُوَّةِ لأَهْلِ البَلَدِ، وهذا المَعْنَى مَعْدُومٌ في أهْلِ البَلَدِ، والحُكْمُ في مَن أحْرَمَ من مَكَّةَ حُكْمُ أَهْلِ مَكَّةَ؛ لما ذَكَرْنَا عن ابنِ عمرَ، ولأنَّه أحْرَمَ من مَكَّةَ، أشْبَهَ أهْلَ البَلَدِ. والمُتَمَتِّعُ إذا أَحْرَمَ بِالحَجِّ من مَكَّةَ، ثم عَادَ، وقُلْنا: يُشْرَعُ في حَقِّهِ طَوَافُ القُدُومِ. لم يَرْمُلْ فيه. قال أحمدُ: ليس على أهْلِ مَكَّةَ رَمَلٌ عند البَيْتِ، ولا بين الصَّفَا والمَرْوَةِ.

٦١٥ - مسألة؛ قال: (ومَنْ نَسِىَ الرَّمَلَ، فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ)

إنَّما كان كذلك لأنَّ الرَّمَلَ هَيْئَةٌ، فلا يَجِبُ بِتَرْكِهِ إعادَةٌ، ولا شىءٌ، كهَيْئَاتِ الصلاةِ، وكالاضْطِبَاعِ في الطوافِ. ولو تَرَكَهُ عَمْدًا، لم يَلْزَمْهُ شئٌ أيضا. وهذا قولُ عَامَّةِ الفُقَهاءِ، إلَّا ما حُكِىَ عن الحسنِ، والثَّوْرِيِّ، وعبدِ المَلكِ بن (١) الماجِشُون، أنَّ عليه دَمًا؛ لأنَّه نُسُكٌ. [وقد جاءَ في حديثٍ عن النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ تَرَكَ نُسُكًا] (٢)، فَعَلَيْهِ دَمٌ" (٣). ولَنا، أنَّه هَيْئَةٌ غيرُ وَاجِبَةٍ، فلم يَجِبْ بِتَرْكِها شىءٌ، كالاضْطِباعِ، والخَبَرُ إنَّما يَصِحُّ عن ابنِ عَبّاسٍ، وقد قال ابنُ عَبّاسٍ: مَن تَرَكَ الرَّمَلَ، فلا شىءَ عليه. ثم هو مَخْصُوصٌ بما ذَكَرْنَا؛ ولأنَّ طَوَافَ القُدُومِ لا يَجِبُ بِتَرْكِه شىءٌ، فتَرْكُ صِفَةٍ فيه أَوْلَى أن لا يَجِبَ بها؛ لأنَّ ذلك لا يَزِيدُ على تَرْكِهِ.

٦١٦ - مسألة؛ قال: (ويَكُونُ طَاهِرًا فِى ثَيِابٍ طَاهِرَةٍ)

يَعْنِى في الطَّوَافِ؛ وذلك لأنَّ الطَّهارَةَ من الحَدَثِ والنَّجَاسَةِ والسِّتَارَةَ شَرَائِطُ (١)


(١) سقط من: أ، ب، م.
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) أخرجه الإمام مالك، في: باب التقصير، وباب ما يفعل من نسى من نسكه شيئا، من كتاب الحج. الموطأ ١/ ٣٩٧، ٤١٩. والبيهقي، في: باب من ترك شيئا. . .، من كتاب الحج. السنن الكبرى ٥/ ١٥٢.
(١) في الأصل: "شرط".

<<  <  ج: ص:  >  >>