للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَجِبُ؛ لأنَّه تابَعَ الإِيلاجَ فى مَحَلٍّ مَمْلوكٍ، فكان تابِعًا له فى سُقُوطِ المَهْرِ. وإِنْ نَزَعَ، ثم أوْلَجَ، وكانا جاهِلَيْنِ بالتَّحْريمِ، فلا حَدَّ عليهما، وعليه المهرُ لها، ويَلْحَقُه النَّسَبُ. وإِنْ (١٠) كانا عالِمَيْنِ بالتَّحْريمِ، فعليهما الحدُّ؛ لأنَّه إيلاجٌ فى أجْنَبِيَّةٍ بغيرِ شُبْهَةٍ، فأَشْبَهَ ما لو طَلَّقَها ثلاثًا، ثمَّ وطِئَها، ولا مهرَ لها؛ لِأنَّها مُطاوِعَةٌ على الزِّنَى، ولا يلْحَقُه النَّسَبُ؛ لأنَّه من زِنى لا شُبْهَةَ فيه. وذكرَ القاضى وجهًا، أنَّه لا حَدَّ عليهما؛ لأنَّ هذا مِمَّا يَخْفَى على كثيرٍ من الناس، وهو وَجْهٌ لِأصحابِ الشَّافِعِىِّ. والصَّحيحُ الأوَّلُ؛ لأنَّ الكلامَ فى العالِمَيْنِ، وليس هو فى مَظِنَّةِ الخَفاءِ؛ فإنَّ أكثَرَ المسلمينَ يعلَمونَ أَنَّ الطَّلاقَ الثَّلاثَ مُحَرِّمٌ للمرأةِ. وإِنْ كان أحدُهما عالمًا، والآخَرُ جاهلًا، نَظَرْتَ؛ فإنْ كان هو العالِمَ، فعليه الحَدُّ، ولها المهرُ، ولا يلحَقُه النَّسَبُ؛ لِأنَّه زَانٍ محدودٌ. وإِنْ كانت هى العالِمَةَ دُونَه، فعليها الحَدُّ وحْدَها، ولا مهرَ لها، والنَّسَبُ لاحِقٌ بالزَّوْجِ، لِأنَّ وَطْأَهُ وَطْءُ شُبْهةٍ.

فصل: فإن قال: إن وَطِئْتُكِ، فأنتِ عَلَىَّ كظَهْرِ أمِّى. فقال أحمدُ: لا يَقْرَبُها حتَّى يُكَفِّرَ. وهذا نَصٌّ فى تحْريمِها قبلَ التَّكْفيرِ، وهو دليلٌ على تَحْريمِ الوَطْءِ فى المَسْأَلَةِ التى قَبْلَها بطَرِيقِ التَّنْبيهِ؛ لِأنَّ المُطلَّقةَ ثلاثًا أعْظَمُ تحْريمًا من المُظاهَرِ منها. وإذا وَطِئَ ههُنا، فقد صار مُظاهِرًا من زَوْجتِه، وزال حُكْمُ الإِيلاءِ. ويَحْتَمِلُ أنّ أحمدَ إنَّما أرادَ، إذا وَطِئَها مرَّةً، فلا يطأُها حتَّى يُكَفِّرَ؛ لكَوْنِه صار بالوَطْءِ مُظاهِرًا، إذْ لا يَصِحُّ تَقْديمُ الكفَّارةِ على الظِّهارِ؛ لِأنَّه سببُها، ولا يجوزُ تَقْديمُ الحُكْمِ على سَببِه. ولو كَفَّر قبلَ الظِّهارِ لم يُجْزِئْهُ. وقد رَوَى إسْحاقُ، قال: قلتُ لأحمدَ، فى من قال لزوجتِه: أنتِ عَلَىَّ كظَهْرِ أُمِّى إن قَرُبْتُكِ إلى سَنَةٍ. قال: إنْ جاءتْ تَطْلُبُ، فليس له أن يَعْضُلَها بعدَ مُضِىِّ الأربعةِ الأشْهُرِ، يُقالُ له: إمَّا أَنْ تَفِىءَ، وإمَّا أن تُطَلِّقَ. فإنْ وَطِئَها، فقد وجَب عليه كفَّارةٌ، وإِنْ أبَى، وأرادتْ مُفارَقَتَه، طلَّقها الحاكِمُ عليه. فيَنْبَغِى أَنْ تُحْمَلَ الرِّوايةُ


(١٠) فى الأصل: "وإذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>