للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثُّلُثُ. وقال أبو بكرٍ: عَطِيّةُ الأسِيرِ من الثُّلُثِ. ولم يُفرِّقْ. وبه قال الزُّهْرِيُّ، والثَّوْرِىُّ، وإسحاقُ. وحَكَاهُ ابنُ المُنْذِرِ عن أحمدَ. وتَأَوَّلَ القاضي ما رُوِى عن أحمدَ في هذا على ما ذَكَرْناه من التَّفْصِيلِ ابْتِدَاءً. وقال الشَّعْبِيُّ، ومالِكٌ: الغازى عَطِيَّتُه من الثُّلُثِ. وقال مَسْرُوقٌ: إذا وَضَعَ رِجْلَه في الغَرْزِ. وقال الأَوْزَاعِيُّ: المَحْصُورُ في سَبِيلِ اللَّه، والمَحْبُوسُ يَنْتَظِرُ القَتْل أو تُفْقَأُ عَيْناهُ (٥)، هو في ثُلُثِه. والصَّحِيحُ، إن شاءَ اللهُ، ما ذَكَرْنا من التَّفْصِيلِ؛ لأنَّ مُجَرَّدَ الحَبْسِ والأسْرِ من غيرِ خَوْفِ القَتْلِ ليس بمَرَضٍ (٦)، ولا هو في مَعْنَى المَرَضِ في الخَوْفِ، فلم يَجُزْ إلْحَاقُه به، وإذا كان المَرِيضُ الذي لا يَخَافُ التَّلَفَ عَطِيَّتُه من رَأْسِ مالِه، فغيرُه أَوْلَى. الخامسة، إذا وَقَعَ الطَّاعُونُ بِبَلْدَةٍ، فعن أحمدَ أنَّه مَخُوفٌ (٧). ويَحْتَمِلُ أنَّه ليس بمَخُوفٍ؛ فإنَّه ليس بمَرَضٍ (٦)، وإنما يُخاف (٨) المَرَضُ. واللَّه أعْلَمُ.

فصل: ويُعْتَبَرُ خُرُوجُ العَطيَّةِ من الثُّلُثِ حالَ المَوْتِ، فمهما خَرَجَ من الثُّلُثِ تَبَيَّنَّا أنَّ العَطِيَّةَ صَحَّتْ فيه حالَ العَطِيَّةِ، فإن نَمَا المُعْطَى، أو كَسَبَ شَيْئًا، قُسِمَ بين الوَرَثةِ وبين صاحِبِه، على قَدْرِ مالَهما فيه، فرُبَّما أَفْضَى إلى الدَّورِ. فمن ذلك إذا أَعْتَقَ عَبْدًا لا مالَ له سِوَاهُ، فكَسَبَ مثلَ قِيمَتِه في حَيَاةِ سَيِّدِه، فلِلْعَبْدِ من كَسْبِه بِقَدْرِ ما عَتَقَ منه، وباقِيه لِسَيِّدِه، فيَزْدَادَ به مالُ السّيِّدِ، وتَزْدَادَ الحُرِّيَّةُ لذلك، ويَزْدَادَ حَقُّه من كَسْبِه، فيَنْقُصُ به حَقُّ السَّيِّدِ من الكَسْبِ، ويَنْقُصُ بذلك قَدْرُ المُعْتَقِ منه، فيُسْتَخْرَجُ ذلك بالجَبْرِ، فيُقال: عَتَقَ من العَبْدِ شيءٌ، وله من كَسْبِه شيءٌ؛ لأنَّ كَسْبَه مثلُه، ولِلْوَرَثةِ من العَبْدِ وكَسْبِه شَيْئانِ، لأنَّ لهم مِثْلَىْ ما عَتَقَ منه، وقد عَتَقَ منه شيءٌ، ولا يُحْسَبُ على العَبْدِ مَا حَصَلَ له من كَسْبِه؛ لأنَّه اسْتَحَقَّه بِجُزْئِه الحُرِّ لا من جِهَةِ سَيِّدِه، فصارَ


(٥) في الأصل: "عينه".
(٦) في الأصل، أ: "بمريض".
(٧) في م: "يخوف".
(٨) في م: "يخالف".

<<  <  ج: ص:  >  >>