للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَصَادِهِ} (٤٣). في سِيَاقِ قَوْلِه: {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ} (٤٣). ولأنَّه يُمْكِنُ ادِّخَارُ غَلَّتِه، أشْبَه التَّمْرَ والزَّبِيبَ. وعن أحمدَ: لا زكاةَ فيه. وهو اخْتِيارُ أبي بكرٍ، وظَاهِرُ كَلَامِ الخِرَقِيِّ. وهذا قولُ ابنِ أبِى لَيْلَى، والحسنِ بنِ صالِحٍ، وأبي عُبَيْدٍ (٤٤)، وأحَدُ قَوْلَي الشَّافِعِيِّ؛ لأنَّه لا يُدَّخَرُ يَابِسًا، فهو كالخَضْرَاوَاتِ، والآيَةُ لم يُرَدْ بها الزكاةُ، لأنَّها مَكِّيَّةٌ، والزكاةُ إنَّما فُرِضَتْ بالمَدِينَةِ، ولهذا ذُكِرَ الرُّمَّانُ ولا عُشْرَ فيه. وقال مُجَاهِدٌ: إذا حَصَدَ زَرْعَهُ ألْقَى لهم من السُّنْبُلِ، وإذا جَذَّ (٤٥) نَخْلَهُ أَلْقَى لهم من الشَّمَارِيخِ. وقال النَّخَعِيُّ وأبو جعفرٍ: هذه الآية مَنْسُوخَةٌ، على أنَّها مَحْمُولَةٌ على ما يَتَأَتَّى حَصَادُه، بِدَلِيلِ أنَّ الرّمَّانَ مَذْكُورٌ بعدَه، ولا زكاةَ فيه. اهـ.

فصل: الحكم الثاني، أنَّ الزكاةَ لا تَجِبُ في شىءٍ من الزُّرُوعِ والثِّمَارِ حتى تَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ. هذا قولُ أَكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ؛ منهم ابنُ عمرَ، وجابِرٌ، وأبو أُمَامَةَ بن سَهْلٍ، وعمرُ بن عبدِ العزيزِ، وجابرُ بن زيدٍ، والحسنُ، وعطاءٌ، ومَكْحُولٌ، والحَكَمُ، والنَّخَعِيُّ، ومَالِكٌ، وأهْلُ المَدِينَةِ، والثَّوْرِيُّ، والأوْزَاعِيُّ، وابنُ أبي لَيْلَى، والشَّافِعِيُّ، وأبو يوسفَ، ومحمدٌ، وسَائِرُ أهْلِ العِلْمِ. لا نَعْلَمُ أحَدًا خَالَفَهم، إلا مُجَاهِدًا، وأبا حنيفةَ، ومن تَابَعَهُ، قالوا: تَجِبُ الزكاةُ في قَلِيلِ ذلك وكَثِيرِه؛ لِعُمُومِ قَوْلِه عليه السَّلَامُ: "فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ". ولأنَّه لا يُعْتَبَرُ له حَوْلٌ، فلا يُعْتَبَرُ له نِصابٌ. ولَنا، قَوْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسة أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ". مُتَّفَقٌ عليه (٤٦). وهذا خَاصٌّ يَجِبُ تَقْدِيمُه، وتَخْصِيصُ عُمُومِ ما رَوَوْهُ به، كما خَصَّصْنَا قولَه: "فِي سَائِمَةِ الإِبِلِ الزكاةُ" (٤٧) بِقَوْلِه: "لَيْسَ فيما


(٤٣) سورة الأنعام ١٤١. وما روى عن ابن عباس أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب في الزيتون فيه الزكاة أم لا، من كتاب الزكاة. المصنف ٣/ ١٤١.
(٤٤) في أ، م: "وأبي عبيدة".
(٤٥) في م: "وجد" خطأ.
(٤٦) تقدم تخريجه في صفحة ١١.
(٤٧) تقدم تخريجه في صفحة ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>