للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاةِ، كالمُتَزَوِّجِ بغيرِ وَلِىٍّ مِمَّنْ يَرى فَسَادَهُ، وشَارِبِ يَسِيرِ النَّبِيذِ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَه، فهذا إنْ دامَ على ذلك، فهو فاسِقٌ، حُكْمُه حُكْمُ سَائِرِ الفُسَّاقِ، وإنْ لم يَدُمْ عليه، فلا بَأْسَ بالصلاةِ خَلْفَه؛ لأنَّه من الصَّغَائِرِ. ومتى كان الفَاعِلُ كذلك عامِّيًّا قَلَّدَ من يَعْتَقِدُ جَوَازَهُ، فلا شَىْءَ عليه فيه (٢٩)؛ لأنَّ فَرْضَ العَامِّىِّ سُؤَالُ العُلَمَاءِ وتَقْلِيدُهم؛ لقولِ اللهِ تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٣٠).

فصل: ولا تَصِحُّ الصلاةُ خَلْفَ مَجْنُونٍ؛ لأنَّ صَلَاتَهُ لِنَفْسِهِ باطِلَةٌ. وإن كان يُجَنُّ تَارَةً، ويُفِيقُ أُخْرَى، فَصَلَّى وَرَاءَهُ حالَ إفَاقَتِه، صَحَّتْ صَلاتُه، ويُكْرَهُ الائْتِمامُ به؛ لِئَلَّا يَكُونَ قد احْتَلَمَ حالَ جُنُونِه ولم يَعْلَمْ، ولِئَلَّا يُعَرِّضَ الصَّلاةَ لِلإِبْطَالِ في أثْنَائِها، لِوُجُودِ الجُنُونِ فيها، والصلاةُ صَحِيحَةٌ، لأنَّ الأصْلَ السَّلامَةُ، فلا تَفْسُدُ بالاحْتِمالِ.

فصل: وإذا أُقِيمَتِ الصلاةُ والإِنْسانُ في المَسْجِدِ، والإِمامُ مِمَّنْ لا يَصْلُحُ لِلإِمامةِ، فإنْ شاءَ صَلَّى خَلْفَهُ، وأعادَ. وإن نَوَى الصلاةَ وَحْدَهُ، وَوَافَقَ الإِمامَ في الرُّكُوعِ والسُّجُودِ والقِيَامِ والقُعُودِ، فصلاتُه صَحِيحَةٌ؛ لأنَّه أتَى بأفْعَالِ الصَّلاةِ وشُرُوطِها على الكَمالِ، فلا تَفْسُدُ بِمُوَافَقَتِه غيرَه في الأفْعالِ، كما لو لم يَقْصِدِ المُوَافَقَةَ. ورُوِىَ عن أحْمدَ أنَّه يُعِيدُ. قال الأثْرَمُ: قلتُ لأبي عبدِ اللهِ: الرَّجُلُ يكونُ في المسجدِ، فتُقَامُ الصلاةُ، ويكون الرَّجُلُ الذي يُصَلِّى بهم لا يَرَى الصلاةَ خَلْفَه، ويَكْرَهُ الخُرُوجَ من المَسْجِدِ بعدَ النِّداءِ؛ لقولِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، كَيْفَ يَصْنَعُ؟ قال: إن خَرَجَ كان في ذلك شُنْعَةٌ، ولكن يُصَلِّى معه، ويُعِيدُ، وإن شاءَ


(٢٩) سقط من: ا، م.
(٣٠) سورة النحل ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>