للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَتَلَتْهُ، فقال لعثمانَ بن عَفَّانَ، ونَافِعِ بن عبدِ الحَارِثِ: إنِّى وَجَدْتُ في نَفْسِى أَنِّى أَطَرْتُه من مَنْزِلٍ كان فيه آمِنًا إلى مَوْقِعَةٍ كان فيها (٦٥) حَتْفُهُ. فقال نَافِعٌ لعثمانَ: كيف تَرَى، في عَنْزٍ ثَنِيَّةٍ عَفْرَاءَ، يُحْكَمُ بها على أمِيرِ المُؤْمِنِينَ؟ فقال عثمانُ: أرَى ذلك. فأمَرَ بها عمرُ، رَضِىَ اللهُ عنه.

فصل: وكلُّ ما يَضْمَنُ به الآدَمِىَّ، يَضْمَنُ به الصَّيْدَ، من مُبَاشَرَةٍ، أو بسَبَبٍ، وما جنَتْ عليه دَابَّتُه بِيَدِها أو فَمِها من الصَّيْدِ، فالضَّمَانُ على رَاكِبِها، أَو قَائِدِها، أو سَائِقِها، وما جَنَتْ بِرِجْلِها، فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ حِفْظُ رِجْلِها. وقال القاضى: يَضْمَنُ السَّائِقُ جَمِيعَ جِنايَتِها؛ لأنَّ يَدَهُ عليها، ويُشَاهِدُ رِجْلَها. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا ضَمانَ عليه في الرِّجْلِ؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال: "الرِّجْلُ جُبَارٌ" (٦٦). وإن انْفَلَتَتْ (٦٧) فأتْلَفَتْ صَيْدًا، لم يَضْمَنْهُ؛ لأنَّه لا [يَدَ لَهُ] (٦٨) عليها، وقد قال النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "العَجْمَاءُ جُبَارٌ" (٦٩). وكذلك لو أتْلَفَتْ آدَمِيًّا، لم يَضْمَنْه. ولو نَصَبَ المُحْرِمُ شَبَكَةً، أو حَفَرَ بِئرًا، فوَقَعَ فيها صَيْدٌ، ضَمِنَهُ؛ لأنَّه بِسَبَبِه، كما يَضْمَنُ الآدَمِىَّ، إلَّا أن يكونَ حَفَرَ البِئْرَ بِحَقٍّ، كحَفْرِهِ في دَارِهِ، أو في طَرِيقٍ وَاسِعٍ يَنْتَفِعُ بها المُسْلِمُونَ، فيَنْبَغِى أن لا يَضْمَنَ ما تَلِفَ به، كما لا يَضْمَنُ الآدَمِىِّ. وإن نَصَبَ شَبَكَةً قبلَ إحْرَامِهِ، فوَقَعَ فيها صَيْدٌ بعدَ إحْرَامِهِ، لم يَضْمَنْهُ؛ لأّنَّه لم يُوجَدْ منه بعدَ إحْرَامِه تَسَبُّبٌ إلى إتْلَافِه، أَشْبَهَ ما لو صادَهُ قبلَ إحْرَامِه، وتَرَكَهُ في مَنْزِلِه، فتَلِفَ بعدَ إحْرَامِه، أو بَاعَهُ وهو حَلالٌ، فذَبَحَهُ المُشْتَرِى.


(٦٥) في أ، ب، م: "فيه".
(٦٦) أخرجه أبو داود، في: باب في الدابة تنفح برجلها، من كتاب الديات. سنن أبي داود ٢/ ٥٠٢.
(٦٧) في أ، ب، م: "انقلبت".
(٦٨) في الأصل، ب، م: "يدل".
(٦٩) تقدم تخريجه في: ٤/ ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>