للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُرْسَلٌ يَرْوِيه قَتَادةُ عن أبي العَالِية. قال شُعْبةُ: لم يسْمَع منه إلا أرْبَعة أحادِيثَ، ليس هذا منها.

فصل: واخْتَلَفتِ الروايةُ عن أحمدَ في القاعِدِ المُسْتَنِدِ والمُحْتَبِى. فعنه: لا يَنْقُضُ يَسِيرُه. قال أبو داود: سَمِعتُ أحمد قِيلَ له: الوُضُوءُ من النَّومِ؟ قال: إذا طالَ. قيل: فالمُحْتَبِى؟ قال يتَوَضَّأُ (١٤). قيلَ: فالمُتَّكِى؟ قال. الاتِّكَاءُ شَدِيدٌ، والمُتَسانِدُ كأنَّه أشَدُّ. يَعْنِى من الاحْتِباءِ. ورَأى منها كلِّها الوُضُوءَ، إلَّا أن يَغْفُوَ. يعني قليلًا. وعنه: يَنْقُضُ. يَعْنِى بكُلّ حالٍ؛ لأنه مُعْتَمِدٌ عَلَى شيءٍ، فهو كالمُضْطَجِعِ. والأَوْلَى أنَّه متى كان مُعْتَمِدًا بمَحَلِّ الحَدَثِ علَى الأرْضِ أن لا يَنْقُض منه إلَّا الكَثِيرُ؛ لأنَّ دَلِيلَ انْتِفاءِ النَّقْضِ في القاعِدِ لا تَفْرِيقَ فيه، فيُسَوَّى بين أحْوالِه.

فصل: واخْتَلَفَ أصْحابُنا في تَحْديدِ الكثيرِ من النَّومِ الذي يَنْقُضُ الوُضُوءَ؛ فقال القاضِى: ليس للقَلِيلِ حَدٌّ يُرْجَعُ إليه، وهو عَلَى ما جَرَتْ به العادةُ. وقيل: حَدُّ الكَثِيرِ ما يَتغَيَّرُ به النَّائِمُ عن هَيْئَتِه، مثل أن يَسْقُطَ على الأرضِ، ومنها أن يَرَى حُلْمًا. والصَّحِيحُ: أنه لا حَدَّ له؛ لأنَّ التَّحْديدَ إنما يُعْلَمُ (١٥) بتَوْقِيفٍ، ولا تَوْقِيفَ في هذا، فمتَى وَجَدْنا ما يَدُلُّ عَلَى الكَثْرةِ، مثل سُقُوطِ المُتَمَكِّنِ وغيره، انْتَقَضَ وُضُوؤُه. وإن شَكَّ في كثْرَتِه لم يَنْتَقِضْ وُضُوؤُه؛ لأنَّ الطَّهارةَ مُتَيَقَّنَةٌ، فلا تَزُولُ بالشَّكِّ.

فصل: ومَن لم يُغْلَبْ عَلَى عَقْلِه فلا وُضُوءَ عليه؛ لأنَّ النَّومَ الغَلَبةُ عَلَى العَقْلِ، قال بعضُ أهلِ اللُّغةِ، في قوله تعالى: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} (١٦). السِّنَةُ: ابْتَداءُ النُّعَاسِ في الرَّأْسِ، فإذا وَصَلَ إلى القَلْبِ صَارَ نَوْمًا، قال الشاعر (١٧):


(١٤) في الأصل: "لا يتوضأ". وهو يعارض قوله الآتى: "ورأى منها كلها الوضوء".
(١٥) في م: "يعرف".
(١٦) سورة البقرة ٢٥٥.
(١٧) البيت لعدى بن الرقاع، وهو في تفسير الطبري (شاكر) ٥/ ٢٥٥. وانظر لتخريجه وشرحه حاشيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>