للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرحمنِ. فقلتُ لها: قد نَهَى رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن زِيَارَةِ القُبُورِ؟ قالت: نعم، قد نَهَى، ثم أمَرَ بِزِيَارَتِها (٩)، [ولأنَّ النِّساءَ داخِلاتٌ في الرُّخْصة فِي زيارتها] (١٠). ورَوَى التِّرْمِذِيُّ أنَّ عائشةَ زَارَتْ قَبْرَ أخِيها، ورَوَى عنها أنَّها قالت: لو شَهِدْتُه ما زُرْتُه (١١).

فصل: ويُكْرَهُ النَّعْيُ، وهو أن يَبْعَثَ مُنادِيًا يُنَادِي في الناسِ: إنَّ فُلانًا قد ماتَ. لِيَشْهَدُوا جِنازَتَهُ؛ لما رَوَى حُذَيْفَةُ، قال: سمعتُ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَنْهَى عن النَّعْيِ. قال التِّرْمِذِيُّ (١٢): هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَاسْتَحَبَّ جماعةٌ من أهْلِ العِلْمِ أن لا يُعْلَمَ الناسُ بِجَنائِزِهم؛ منهم عَبْدُ اللهِ بنُ مسعودٍ، وأصْحابُه عَلْقَمَةُ، والرَّبِيعُ بنُ خَيْثَمٍ، وعَمْرُو بنُ شُرَحْبِيل. قال عَلْقَمَةُ: لا تُؤْذِنُوا بي أحَدًا. وقال عَمْرُو بن شُرَحْبِيل: إذا أنا مُتُّ فلا أُنْعَى إلى أحَدٍ. وقال كَثِيرٌ من أهْلِ العِلْمِ: لا بَأْسَ أن يُعْلَمَ بالرَّجُلِ إخْوانُه ومَعارِفُهُ وذَوُو الفَضْلِ، من غير نِداءٍ. قال إبراهيمُ النَّخَعِيُّ: لا بَأْسَ إذا ماتَ الرَّجُلُ أن يُؤْذِنَ صَدِيقَهُ وأصْحابَهُ، وإنَّما كانوا يَكْرَهُونَ أن يُطافَ في المجالِسِ: أنْعِي فُلَانًا. كفِعْلِ الجَاهِلِيَّةِ. ومِمَّنْ رَخَّصَ في هذا؛ أبو هُرَيْرَةَ، وابنُ عُمرَ (١٣)، وابنُ سِيرِينَ. وَرُوِيَ عن ابنِ عمرَ أنَّه لمَّا (١٤) نُعِيَ إليه رَافِعُ بنُ خَدِيجٍ، قال: كيف تُرِيدُونَ أن تَصْنَعُوا به؟ قالوا (١٥): نَحْبِسُه حتى نُرْسِلَ إلى قُبَاء، وإلى


(٩) أخرجه البيهقي، في: باب ما ورد في دخولهن في عموم قوله فزوروها، من كتاب الجنائز. السنن الكبرى ٤/ ٧٨. والحاكم، في: باب زيارة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قبر أمه، من كتاب الجنائز. المستدرك ١/ ٣٧٦.
(١٠) سقط من: م.
(١١) تقدم تخريجه في صفحة ٤٤٣.
(١٢) في: باب ما جاء في كراهية النعي، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذي ٤/ ٢٠٧. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في النهى عن النعي، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه ١/ ٤٧٤. والإِمام أحمد، في: المسند ٥/ ٣٨٥، ٤٠٦.
(١٣) في أ، م: "وابن عمرو".
(١٤) سقط من: م.
(١٥) في أ، م: "قال".

<<  <  ج: ص:  >  >>