للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ عَقِيلٍ: جَوَّزَ أصْحابُنا جَذْبَ رَجُلٍ يقومُ معه صَفًّا، واخْتَارَ هو أن لا يَفْعَلَ، لما فيه من التَّصَرُّفِ فيه بغيرِ إذْنِه. والصَّحِيحُ جَوَازُ ذلك؛ لأن الحاجَةَ (٢٩) دَاعِيَةٌ إليه، فجازَ، كالسُّجُودِ على ظَهْرِه أو قَدَمِه حالَ الزِّحَامِ، وليس هذا تَصَرُّفًا فيه، إنَّما هو تَنْبيهٌ له لِيَخْرُجَ معه، فجَرَى مَجْرَى مَسْأَلتِه أن يُصَلِّىَ معه؛ وقد رُوِىَ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "لِينُوا في أَيْدى إخْوَانِكمْ" (٣٠). يُرِيدُ ذلك. فإنْ امْتَنَعَ من الخُرُوجِ معه لم يُكْرِهْهُ وصَلَّى وَحْدَه.

فصل: قال أحْمدُ: يُصَلِّى الإِمامُ بِرَجُلٍ قائِمٍ وقَاعِدٍ ويَتَقَدَّمُهما. وقال: إذا أمَّ برجُلَيْن (٣١) أحَدُهما غيرُ طَاهِرٍ، ائْتَمَّ الطاهِرُ معه. وهذا يَحْتَمِلُ أنَّه أرَادَ إذا عَلِمَ المُحْدِثُ بِحَدَثِه، فخَرَجَ، ائْتَمَّ الآخَرُ إن كان عن يَمِينِ الإِمامِ، وإن لم يكن عن يَمينِه صارَ عن يَمينِه، كما ذَكَرْنَا. فأمَّا إنْ كان خَلْفَه، وعَلِمَ المُحْدِثُ، فأتَمَّا الصلاةَ، لم تَصِحَّ. وإن لم يَعْلَم المُحْدِثُ بِحَدَثِه حتَّى تَمَّتِ الصلاةُ، صَحَّتْ؛ لأنَّه لو كان إمَامًا صَحَّ الائْتِمَامُ به، فلأنْ تَصِحَّ مُصَافَّتُه أوْلَى.

فصل: ومن وَقَفَ معه كافِرٌ، أو مَن لا تَصِحُّ صلاتُه غيرَ ما ذَكَرْنا، لم تَصِحَّ مُصَافَّتُه؛ لأنَّ وُجُودَه وعَدَمَه وَاحِدٌ. وإن وَقَفَ معه فاسِقٌ، أو مُتَنَفِّلٌ، صارَ صَفًّا؛ لأنَّهما رَجُلَانِ صَلَاتُهما صَحِيحَةٌ، وكذلك لو وَقَفَ قارِئٌ مع أُمِّىٍّ، أو مَن (٣٢) به سَلَسُ البَوْلِ مع صَحِيحٍ، أو مُتَيَمِّمٌ مع مُتَوَضِّىءٍ، كانا صَفًّا؛ لما ذَكَرْنا. فإنْ وَقَفَ معه خُنْثَى مُشْكِلٌ، لم يكنْ صَفًّا معه، إلَّا مَن أجازَ وُقُوفَ المَرْأَةِ مع الرَّجُلِ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يكونَ امْرَأةً.


(٢٩) في م: "الحالة".
(٣٠) أخرجه أبو داود، في: باب تسوية الصفوف، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٥٤. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٩٨، ٥/ ٢٦٢.
(٣١) في أ: "رجلين".
(٣٢) في الأصل: "ومن".

<<  <  ج: ص:  >  >>